البارز في الفضل والصلاح، قال ذلك أصبغ في الواضحة، وهو تفسير لقول من أجمل القول في ذلك كسحنون في نوازله وغيره من أصحاب مالك، وقد روي عن مالك: أنه لا يباح تجريح المبرز في العدالة بعداوة ولا غيرها وهو بعيد والله أعلم، ويجرح الشاهد بالعداوة من هو مثله وفوقه ودونه، واختلف في تجريحه بالإسفاه، فقال ابن الماجشون: لا يجرح به إلا من هو فوقه في العدالة، وهذا إذا نصوا في الجرحة على التجريح، وأما إن قالوا: هو غير عدل ولا جائز الشهادة فلا يجوز ذلك إلا للمبرزين في العدالة العارفين بوجوه التعديل والتجريح، وبالله التوفيق.
[مسألة: الرجل يشهد أيجرح شهادته رجل واحد]
مسألة وسئل: عن الرجل يشهد أيجرح شهادته رجل واحد؟ قال: لا.
قال الإمام القاضي: هذا كما قال وهو مما لا اختلاف فيه أن الحاكم إذا أعذر إلى المشهود عليه في شهادة من شهد عليه فلا يجرحه إلا بشاهدين عدلين، وإنما يجرح بالواحد ويعدل به إذا كان الحاكم هو الذي يبتدئ بالسؤال فيسأل عن الشاهد من يثق به، قال ذلك ابن حبيب في الواضحة وحكاه أصبغ عن ابن القاسم وهو صحيح على أصولهم، واختلف إن أراد الشاهدان على الجرحة أن يشهدا سرا لما يجر ذلك من العداوة بينهما وبين المجرح، فقال ابن حبيب: لا تقبل الشهادة منهما إلا علانية لأنهما شاهدان، ولا بد من الإعذار في شهادتهما إلى المشهود له الأول، وحكى ابن عبدوس عن ابن القاسم أن الشهادة تقبل منهما في السر لعلة العداوة، وهو قول سحنون، قال: التزكية علانية والتجريح سرا ولا آمرهم أن يسبوا الناس، وبالله التوفيق.