ولو استأجره على أن يبيع له الدابة أو الثوب بذلك البلد أو ببلد آخر على أن له أجرته باع أو لم يبع لجاز، وإن لم يسم للتسويق والبيع أجلا؛ لأن قدر ذلك معروف، قاله أشهب في آخر أول رسم من سماع أصبغ، وقد مضى هذا المعنى في أول رسم من سماع ابن القاسم، وهو نحو ما يأتي في سماع محمد بن خالد.
والرابع: أن يستأجره على عمل شيء بعينه له غاية معلومة، فلا يجوز ضرب الأجل فيه؛ لأنه مدتان في مدة، ويضارع ما نهي عنه من بيعتين في بيعة إلا على وجه ما قد مضى بيانه في أول سماع ابن القاسم. وذلك مثل أن يستأجره على خياطة ثوب بعينه، أو على طحن قمح بعينه، أو على حصاد زرع بعينه وما أشبه ذلك.
فهذا الاختلاف في جواز الإجارة فيه دون شرط الخلف، وإن تلف قبل العمل أو بعد أن مضى بعضه، فالمشهور في المذهب أن الإجارة تنفسخ فيه، أو فيما بقي منه، وهو قول مالك في رسم المحرم، من سماع ابن القاسم، وفي رسم الدور والمزارع من سماع يحيى في مسألة الزرع أن الإجارة لا تنفسخ ويستعمله في مثله، وهو شذوذ. والنقد في هذه الإجارة جائز؛ لأن التلف نادر فلا يعتبر به، وأما من استأجر عبدا بعينه، أو تكارى دابة بعينها، أو ثوبا بعينه، وما أشبه ذلك، فلا اختلاف في أن الإجارة تنفسخ بالموت والتلف، والنقد فيها جائز، فهذا تحصيل القول في هذه المسألة، وبالله التوفيق.
[مسألة: قال جذ نخلي هذه ومتى شئت أن تخرج فاخرج ولك نصف ما عملت]
مسألة قلت: أرأيت إن قال: جذ نخلي هذه يوما أو يومين، ومتى شئت أن تخرج فاخرج ولك نصف ما عملت. قال: لا خير فيه. قلت: لم؟ قال: لأنهما سميا يوما، ثم جعل له الخروج متى شاء، فكان الأجر قد وقع على اليوم بعينه، فإذا وقع على اليوم بعينه لم يحل إلا بشيء ثابت لا يزول. ألا ترى أنه لو قال: تقاض لي مالي الذي لي على فلان إلى شهر ولك نصفه، فما تقاضيت منه