قد ذبل وضمر ويعلم أنه قد نقص كيلا بكيل، فلا اختلاف في أن ذلك لا يجوز؛ كما لا يجوز الرطب بالتمر، ولا الفريك بالقمح، ولا الحنطة المبلولة بالحنطة اليابسة، ولا بالحنطة المبلولة؛ لأن بعض المبلول أشد انتفاخا من بعض؛ والأصل في هذا ما روي «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سئل: عن بيع الرطب بالتمر، فقال: أينقص الرطب إذا جف؛ قالوا: نعم، قال: فلا إذًا.
» وأما الذي يحتاج فيتسلف الفدان والفدانين من الزرع الذي فيه رطوبة فيحصده ويدريه ويرد عليه مكيلة ما وجد فيه، فهو أخف وفيه اختلاف؛ لأنه ليس ببيع إذا كان على وجه المعروف من المسلف، لحاجة المسلف إلى ذلك، وقد مضى تحصيل الاختلاف في ذلك في رسم القبلة من سماع ابن القاسم من كتاب السلم والآجال، فمن أحب الوقوف عليه، تأمله هناك.
[مسألة: باع عكم قراطيس بدينار نقدا ثم استقال أحدهما]
مسألة وسئل: عن رجل باع عكم قراطيس بدينار نقدا، ثم استقال أحدهما، فأبى الآخر أن يقيله إلا بزيادة عشرة دراهم إلى أجل؛ قال: إن كان المشتري هو المستقيل فهو حرام، وإن كان البائع فلا بأس به.
قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قال؛ لأن المشتري إن كان هو المستقيل الذي زاد العشرة الدراهم إلى أجل، فقد فسخ البائع الدينار الذي له عليه حالا في عشرة دراهم إلى أجل وقراطيس نقدا، فيدخله فسخ الدين في الدين، وذهب بعرض نقدا وورق إلى أجل، ولو كان قد انتقد البائع الدينار، لم يدخله فسخ الدين في الدين، ودخله بيع ذهب نقدا بعروض ودراهم إلى أجل؛ وإن كان البائع هو المستقيل الذي