مالك في رسم الوصية الذي فيه الحج والزكاة من سماع أشهب هذا. ويحتمل أن لا يحمل ذلك على أنه اختلاف من القول، فيكون معنى قول ابن القاسم في سماع سحنون: إذا كانوا أملياء يؤمن العدم عليهم في غالب الحال. ومعنى قول مالك في سماع أشهب: إذا لم يكونوا أملياء، أو كانوا أملياء يخاف عليهم العدم. والصواب أن يفسر ما في سماع سحنون لقول مالك في هذه الرواية التي ذكرناها لأنه قال فيها: لا تريد ضمانكم ولا اتباعكم، فيقال: معنى ما في سماع سحنون إذا رضي الموصى لهم بضمانهم، ولم يتكلم في هذه الرواية التي ذكرناها على توقيف الحائط مدة الثلاثة أعوام، التي أوصى في كل عام منها بالآصع من ثمرها، وذلك من حق الموصى له إذا حمل الحائط الثلث، أو أجاز ذلك الورثة. وهنا تكلم في سماع سحنون فقال: إن ضمن الورثة ذلك، وإلا أوفقوا العبد والحائط، ومعنى ذلك، إذا حمله الثلث، ورضي الموصى لهم بضمان الورثة. وقد وقع في سماع سحنون أنه يجبر ما نقص في العام من العام الذي بعده، إذا أوصى له بالعدد المسمى من غلة كل سنة، وهو لفظ وقع على غير تحصيل، فلا يقال فيه: إنه اختلاف، من القول: وبالله التوفيق.
[مسألة: يوصي بثلث ماله للفقراء والمساكين]
مسألة قال وسمعته يسأل ابن غانم عن الرجل يوصي بثلث ماله للفقراء والمساكين، وله مال ودار ومنزل، فيقول أهل الميراث: نريد أن نقوم ذلك قيمة، فنحسب عليها ثمن الدار والمنزل، فإن لنا أعداء، وقد علموا ألا نترك دارنا ومنزلنا، فهم سيزيدون عليها ضررا بنا، فقال: اكتب إليه إنما أوصى لهم بثلث ماله، فانقطع لهم بثلث ماله ذلك كله ثلث الدار، وثلث المكان، وثلث كل شيء، ولا يباع ذلك عليهم ولا يقام، وزاد في الكتاب الذي فيه الوصايا والحج والزكاة، قال مالك: لأنهم نزلوا بمنزلة الشركاء في تلك الدار