لقوله: لن أقصر بها عن صداق أختها، فبين أن ذلك يلزمه كما قال ابن القاسم؛ لأنه بمنزلة أن لو قالوا له: نزوجك على أن لا تقصر بها عن صداق أختها. وأما إن انقطع ما بين الكلامين فالأمر محتمل، والأظهر إيجاب ذلك كما ذهب إليه مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - وإن كان لم يبينه؛ لأن ذلك أقوى من العدة الخارجة على سبب، وفي التفسير ليحيى عن ابن القاسم أنه يحلف ما أراد إيجاب ذلك على نفسه ولا يلزمه شيء، فإن نكل غرم نصف الصداق. ووجه ذلك أنه رأى قوله: لن أقصر بها إن شاء الله، عدة لا تلزم، فلم يلزمه شيء إذا حلف أنه لم يرد إيجاب ذلك على نفسه، وحلفه بالتهمة دون تحقيق الدعوى، ولذلك لم يرد اليمين في ذلك بقوله على القول في لحوق يمين التهمة وإنها لا ترجع، وقد اختلف في الوجهين.
[مسألة: حكم سفر الرجل بامرأة أبيه]
مسألة وسئل مالك عن سفر الرجل بامرأة أبيه: أتراه ذا محرم؟ فقال: قال الله تعالى: {أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ}[النساء: ٢٣] فأتم الآية، وقال: هؤلاء ذوو المحارم، فأما الرجل يكون أبوه قد طلق المرأة وتزوجت أزواجا، ثم يريد أن يسافر بها فلا أحب ذلك، وكره ذلك، قال ابن القاسم: وما يعجبني أن يسافر بها، فارقها أبوه أو لم يفارقها، وإنما كان هذا من مالك حجة ولم أره يعجبه.
قال محمد بن رشد: احتجاج مالك بالآية يدل على أنه حمل قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا تسافر امرأة مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم منها» على عمومه في جميع ذوي المحارم من نسب أو رضاع، وكراهيته أن يسافر بها إذا