قال محمد بن رشد: قول أصبغ في هذه المسألة صحيح على القول بمراعاة المقصد المظنون في الأيمان وحملها عليه، لا على ما تقتضيه الألفاظ وهو المشهور في المذهب، إلا أنه أصل مختلف فيه- أعني في المذهب؛ واختلف فيه قول ابن القاسم في المدونة من ذلك أنه قال فيمن حلف ألا يدخل على فلان بيتا فدخل عليه المسجد، أنه لا حنث عليه والمسجد بيت من البيوت، لأن الله عز وجل قد سمى المساجد بيوتا، فقال:{فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ}[النور: ٣٦] وقال فيمن حلف ألا يأكل لحما. فأكل لحم الحوت، أو ألا يأكل بيضا فأكل بيض السمك، أنه حانث، إلا أن تكون له نية- وإن كان لحم الحوت وبيض السمك ليس بلحم ولا بيض عند الناس في عرف كلامهم، واختلف في ذلك أيضا قول أصبغ، لأن قوله في هذه المسألة خلاف ما حكى عنه ابن حبيب من أنه من حلف أن يطأ امرأته الليلة فألفاها حائضا، ولم يعلم حين حلف أنها حائض؛ أنه حانث، ولا يبرأ إن وطئها، لأنه وطء فاسد، وهذا الاختلاف داخل في مسألة سحنون، فتفرقته بين المسألتين قول ثالث في المسألة؛ ووجهه أنه قد كان له أن يطأ التي لم يطأ منهما لو شاء، فصار قد قصد إلى ترك وطئها بوطء الأخرى، فهي استحسان، خارجة عن القياس على كل واحد من الأصلين، وبالله التوفيق.
[مسألة: قال لغلامه إن جئتني بدينار كل شهر فأنت حر]
مسألة وسئل سحنون عن رجل قال لغلامه: إن جئتني بدينار كل شهر، فأنت حر، قال: ما أعرفه، وما هذا بشيء وهو عبد.