مكارم الأخلاق. والوجه في ذلك أن النهي إنما ورد في المسجد، وله حرمة يختص بها دون الأسواق؛ لقول الله- عز وجل-: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ}[النور: ٣٦] ، ولما جاء من أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر أن تنظف وتطيب، فلم يصح قياس الأسواق عليه في منع آكل الثوم من دخوله، وأما قياس الكراث والبصل على الثوم في منع آكلها من دخول المسجد فصحيح إن كانت تؤذي رائحتها؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد نص على أن العلة في الثوم هي الإذاية، فوجب أن يعتبر بها حيثما وجدت، وذلك بين من مذهب ابن القاسم في رسم "أوصى" من سماع عيسى. وعلى هذا يجب أن يحمل قول مالك؛ لأن قوله: وما أحب له أن يؤذي الناس، تجاوز في اللفظ، ومراده به ما يجوز له أن يؤذي الناس؛ لأن ترك إذاية الناس من الواجب لا من المستحب، وبالله التوفيق.
[مسألة: ينسى الظهر ثم يذكرها وهو في العصر مأموما]
مسألة قال: وسألته عن الذي ينسى الظهر ثم يذكرها وهو في العصر، يصلي لنفسه ليس مع الإمام؟ فقال: يتم ركعتين ثم ينصرف فيصلي الظهر ثم يصلي العصر. قيل له: وإن كان إنما أحرم في العصر قط؟ فقال: نعم يتم ركعتين.
قال محمد بن رشد: قال في هذه الرواية: إنه يتم ركعتين ولا يقطع، ركع أو لم يركع، وكذلك لو ذكر صلاة قد خرج وقتها وهو في صلاة مكتوبة لأتم أيضا ركعتين ركع أو لم يركع. وفي " المدونة " أنه يقطع ما لم يركع، وسواء على مذهبه فيها ذكر وهو في العصر صلاة الظهر من يومه أو صلاة قد خرج وقتها. وقد قيل: أنه يقطع أيضا في المسألتين جميعا ركع أو لم يركع، قاله مالك في أحد قوليه في " المدونة " في النافلة، ولا فرق بين النافلة والفريضة في القياس. وقد قيل: إن الفريضة في هذا بخلاف النافلة، فيقطع في النافلة ركع