قال محمد بن رشد: هذا كما قال، إنه إذا لم يمض الورثة الوصية لها على حالها وصالحوها عنها على شيء دفعوه معجلا إليها، فلا رجوع لهم عليها إن تزوجت قبل أن تستنفد في الإنفاق على نفسها [ما دفعوا إليها، كما أنها إذا استنفدت ذلك في الإنفاق على نفسها] ، فلا شيء لها عليهم وإن لم تتزوج؛ لأن الصلح لما كان على إسقاط الشرط في النفقة، فلا رجوع لهم عليها إن تزوجت. قال عيسى بن دينار في رسم أوصى بعد هذا من سماعه: وكذلك إن ماتت بعد ذلك بيوم أو يومين، ولا لها عليهم إن لم تتزوج بعد فناء ما قبضت منهم. وكذلك لو أوصى لها بوصية على ألا تتزوج، فقالت: على الثلث فردت إلى الثلث، ثم تزوجت، فلا ينتزع منها شيء؛ لأن الوصية لم تنفذ لها على وجهها، حكاه ابن المواز فيما أظن عن ابن القاسم، وهو قول ابن القاسم في رسم العرية من سماع عيسى في الذي يوصي أن ينفق على رجل ما عاش، فلم يحمل الثلث نفقة تعميره أنه إن لم يجز الورثة كان ما صار له من الثلث بتلا يدفع إليه، وليس للورثة أن يرجعوا عليه بشيء، وإن مات بعد ذلك بيوم؛ لأنهم قد خيروا في أن ينفذوا وصية صاحبهم، وفي أن يقطعوا له بالثلث بتلا، فاختاروا القطع له بالثلث بتلا، ولا فرق بين المسألتين في المعنى، وبالله التوفيق.
[: أوصى لنفر خمسة بنفقتهم ما عاشوا]
ومن كتاب الأقضية الثاني قال: وسألته عمن أوصى بوصايا، فأوصى لنفر خمسة بنفقتهم ما عاشوا. ونزلت بالمدينة، فقال: أرى أن يعمر الخمسة النفر سبعين سبعين سنة كان له منهم عشرون سنة، حرص له بنفقة خمسين سنة تمام السبعين، ومن كان له منهم أقل من ذلك أو أكثر، فعلى