محمد، فما يقولون له كيف تقول؟ ولا كيف يقول؟ كما يصنع أهل هذا الزمان.
قال محمد بن رشد: ما كان سعيد بن المسيب ربما فعله من ذرع ثياب بعض من كان يقعد إليه، المعنى في ذلك، والله أعلم: إنما فعله لوجه أراد معرفة مقداره من ثوب الرجل، وذلك جائز لا بأس به، فقد استحب مالك أن يقضي الرجل الذهب في المسجد إذا لم يكن على وجه التجارة والصرف، واستحب كتاب ذكر الحق فيه إلا أن يطول.
وقعود عمر بن الخطاب في المسجد مع رجال يحدثهم ويحدثونه كان فيما بين الظهر والعصر، وذلك جائز لا بأس به، إذ ليس ذلك من الأوقات المرغب في الصلاة فيها، فلا وجه لإنكار من أنكر ذلك، وقد مضى هذا قبل هذا في رسم حلف، وبالله تعالى التوفيق.
[إشفاق ابن عمر من قتل عثمان]
فيما بلغ إليه إشفاق ابن عمر من قتل عثمان قال: وسمعت مالكا يحدث: أن رجلا أهدى إلى عبد الله بن عمر صرة فيها جوارش، فقال له ابن عمر: ما هذه؟ قال: جوارش، إذا أكلت فكظك الطعام أكلته على إثره، فقال له ابن عمر: والله ما شبعت منذ قتل عثمان.
قال محمد بن رشد: حق لعبد الله بن عمر في فضله وخيره أن يبلغ الإشفاق منه من قتل عثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - هذا المبلغ، فإنه كان حدثا عظيما في الإسلام، لم يكن قبله ولا بعده مثله على ما سبق في أم الكتاب، وأنذر به النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وبالله التوفيق.