هذه الرواية المصافحة والمعانقة إلا أنه رأى المصافحة أخف من المعانقة، وهي رواية ابن وهب عنه، والمشهور عن مالك إجازة المصافحة واستحبابها فهو الذي يدل عليه مذهبه في الموطأ بإدخاله فيه عن عطاء بن عبد الله الخراساني قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «تصافحوا يذهب الغل وتهادوا تحابوا وتذهب الشحناء» والآثار فيها كثيرة منها حديث البراء قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ما من مُسْلِمَيْنِ يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يفترقا» . وإنما المعلوم من مذهب مالك كراهية المعانقة، ومن أهل العلم من أجازها، منهم ابن عيينة، ووجه كراهيتها أنها لم ترو عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولا عن السلف بعده، ولأنها مما تنفر عنها النفس في كل وقت، إذ لا تكون في الغالب إلا لوداع أو من طول اشتياق لغيبة أو مع الأهل أو ما أشبه ذلك. وتفارق المصافحة لوجود العمل بها. ووجه إجازتها اعتبارها بالمصافحة. وقد روي من حديث أبي ذر أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يصافحه فجاء مرة فالتزمه، وهذا يمكن أن يكون فعله مرة ولم يداوم عليه، وبالله التوفيق.
[كراهة طرح القمل في النار]
في كراهة طرح القمل في النار قال: وسئل عن طرح القمل في النار، فقال: إن الرجل في السفر يشتغل حتى يتفلى بالليل على النار لا يجد من ذلك بدا، قال: لا وهذه مثلة وإني أكرهه. وقد نزل نبي من الأنبياء تحت شجرة فلسعته نملة فقتل نملا كثيرا فأوحى الله إليه: أفلا نملة واحدة؟ قال مالك: فلله حق في عباده وفي بايت من هذه الدواب.