قال محمد بن رشد: قد مضى في رسم " الجنائز والصيد والذبائح" من سماع أشهب - تحصيل القول في غسل ذوي المحارم بعضهم بعضا، ومضى في المسألة التي قبل هذه القول في غسل أحد الزوجين صاحبه، فلا فائدة في إعادته.
[مسألة: إمام جنازة صلى عليها وهو جنب لم يشعر بجنابته حتى دفنت]
مسألة وسئل: عن إمام جنازة صلى عليها وهو جنب لم يشعر بجنابته حتى دفنت، وكيف إن علموا قبل أن تدفن بجنابته بعد دخولها اللحد؟ أترد للصلاة عليها؟
قال ابن القاسم: أرى صلاتهم جائزة ولا تعاد، ألا ترى أن المكتوبة لو أن رجلا صلى بهم جنبا ناسيا، ثم سلم فعلم، أجزأت عنهم صلاتهم؛ فكذلك الجنازة إذا صلي عليها، أجزأت عنهم صلاتهم عليها.
قال محمد بن رشد: قياسه صلاة الجنازة في هذا على صلاة الفريضة صحيح، لا إشكال في صحته، فيدخل في صلاة الجنائز من الخلاف ما في صلاة الفريضة؛ لأن أهل العراق يقولون: إنها تبطل على المأمومين، كما بطلت على الإمام، وهو القياس على القول بأن صلاة المأمومين مرتبطة بصلاة الإمام؛ وحجة مالك حديث عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إذ صلى الصبح بالناس - جنبا، فأعاد ولم يأمر الناس بالإعادة؛ وله وجه من النظر مع الاتباع، وهو أن الإمام إذا صلى بالناس جنبا، أو على غير وضوء - ولم يعلم بذلك، فقد سقط الفرض عنه وعنهم؛ لقوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «تجاوز الله لأمتي عن الخطأ والنسيان» ... " الحديث. فإن ذكر بعد ذلك، وجبت عليه الإعادة دونهم؛ لأنهم صلوا بطهارة؛ إذ ليس سهو الإمام عن الطهارة سهوا لهم عنها،