[مسألة: أصاب رجلا بجراح فأراد أن يصالحه في الجراحات بشيء]
مسألة وسئل عن رجل أصاب رجلا بجراح فأراد أن يصالحه في الجراحات بشيء يعطيه عن الجراح والموت إن كان.
فقال لا يصلح الصلح على وضع الموت، ولكنه يصالحه على شيء معلوم ولا يدفع إليه شيئا فإن برئ كان له ما صولح عليه، وإن مات كانت فيه القسامة والدية إن كان خطأ بعد أن يقسموا أو القتل إن كان عمدا.
قال محمد بن رشد: لم يجز ابن القاسم في هذه الرواية الصلح في جراحات العمد، والخطأ عليها وعلى ما تراقت إليه من موت أو غيره جملة من غير تفصيل.
وفي ذلك تفصيل.
أما جرح الخطأ فيما دون الثلث كالموضحة وشبهها فلا اختلاف في أن الصلح فيها على ما تراقت إليه من موت وغيره لا يجوز، لأنه إن مات كانت الدية على العاقلة فهو لا يدري يوم صالح ما يجب عليه مما لا يجب، فإن وقع الصلح على ذلك فسخ متى ما عثر عليه، فإن برئ كانت عليه دية للموضحة، وإن مات كانت الدية فيه على العاقلة بقسامة.
وأما جرح الخطأ فيما فوق الثلث فيتخرج جواز الصلح فيه على ما يتراقى إليه من موت أو غيره على قولين أحدهما أن ذلك لا يجوز، وهو قوله في هذه الرواية وظاهر ما حكى ابن حبيب في الواضحة إذ لم يفرق في جرح الخطأ بين أن يكون أقل من الثلث أو أكثر منه، والثاني أن ذلك جائز إذ لا غرر فيه؛ لأن دية الجراح إنما تجب على العاقلة كما يجب عليه دية النفس، فكأنه إنما صالح عن العاقلة.