كتاب الضحايا من المدونة أن يتسلف الرجل من النصراني دينارا باع به خمرا أو يبيع به منه شيئا، مراعاة للقول بأنهم مخاطبون بفروع الشرائع، ولم يحرمه. والقياس جوازه؛ لأنه لو أسلم لحل له ذلك الدينار. ولم ير في هذه الرواية ابن وهب لأحد أن يتسلف من المعروف بأكل الربا أو بيع الخمر شيئا ولا يقبض منه دينا ولا يخالطه ولا يؤاكله، ومعناه إذا كان الغالب على ماله الحلال، وابن القاسم يجيز ذلك، وهو القياس؛ وأصبغ يحرمه، وهو تشديد على غير قياس؛ لأنه جعل ماله كله حراما لأجل ما خالطه من الحرام، فأوجب عليه الصدقة بجميعه وقال: إن من عامله فيه وجب عليه أن يتصدق بجميع ما أخذ منه. وأما إن كان قد غلب على ماله الربا وثمن ما باع من الخمر فلا يعامل ولا تقبل هديته ولا يؤكل طعامه، قيل على وجه الكراهة، وقيل على وجه التحريم. ولو ورث سلعة أو وهبت له لجاز أن تشترى منه وأن تقبل منه هبة باتفاق. واختلف إن كان الربا وثمن الخمر قد أحاط بجميع ما بيده من المال في مبايعته ومعاملته على أربعة أقوال قد ذكرناها ووجه كل قول منها في مسألة قد شخصناها في هذا المعنى حاوية لجميع وجوهها ومعانيها، فتركت ذكرها هنا اختصارا. ومعنى قوله في الحديث الذي احتج به:«لا تخالطن إلا مؤمنا» أي لا تخالطن في الأخذ والإعطاء إلا مؤمنا ممدوح الإيمان لتورعه عن اكتساب الحرام، وبالله التوفيق.
[تفسير آية الصدقة]
في تفسير آية الصدقة
قال وسألته عن تفسير قوله عز وجل:{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ}[التوبة: ٦٠] ، فقال: الفقراء المتعففون وهم