للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تعظيم الخطيئة في الحرم]

في تعظيم الخطيئة في الحرم قال مالك: بلغني أن عبد الله بن عمرو بن العاص كان إذا قدم مكة لم يضطرب بناه إلا خارجا من الحرم، فقلت لمالك: لم كان يفعل ذلك؟ قال: يريد إعظام الخطيئة في الحرم.

قال محمد بن رشد: تأويل مالك على عمرو بن العاص صحيح بين؛ لأن من تعظيم الحرم أن لا يعصى الله فيه، قال الله عز وجل: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الأَنْعَامُ إِلا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} [الحج: ٣٠] ، وقال: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج: ٢٥] ، وروي عن عمر بن الخطاب أنه قال: لأن أعمل عشر خطايا بركبة أحب إلي من أن أعمل واحدة بمكة، والمعنى في ذلك بأن السيئات تضاعف فيها كما تضاعف فيها الحسنات، وقد رأى بعض العلماء تغليظ الدية في الجراح والنفس في البلد الحرام والشهر الحرام لهذا المعنى، وبالله التوفيق.

[الإشارة بالرجل للعمل]

في الإشارة بالرجل للعمل قيل لمالك: فإن فلانا لا يعمل وهو يشير بمن يعمل.

قال: إن كان يشير برجل مأمون لا بأس بحاله فلا بأس بذلك، فقيل له: أفيطلب الرجل للرجل حتى يوليه؟ قال: إن علم فيه خيرا للمسلمين أشار بذلك.

قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قاله؛ لأن من أشار على الإمام بتولية من لا خير في توليته للمسلمين أو من ليس بثقة ولا مأمون فقد

<<  <  ج: ص:  >  >>