قال محمد بن رشد: ظاهرُ هذه الرواية أن الموصى من قبل الأب يجوز إطلاقُه مَن إلى نظره من الوِلَاية، وُيصَدَّق فيما يذكر من حاله، وإن لم يعرف ذلك إلا من قوله، وقد قيل: إن إطلاقه لا يجوز إلّا أن يتبين حالُهُ ويعلم رشده، وهي رواية أصبغ عن ابن القاسم في رسم الكراء والأقضية من سماعه بعد هذا من هذا الكتاب. وأما الوصي من قبل القاضي فقيل: إنه يجوز إطلاقه إذا تبين حاله وعلمِ رشده، وهو ظاهر هذه الرواية، فإذا عَقَدَ له بذلك عَقْدا ضمنه معرفة شهد آيَةَ لرشده، وقيل: إنه لا يجوز إطلاقُهُ بحال، وإلى هذا ذهب ابن زرب وهو دليل قول ابن القاسم في سماع أصبغ؛ لأنه إذا لم يجر ذلك للوصي من قبل الأب حتى يتبين حاله، فالوصي من قبل السلطان لا يجوز له ذلك بحال، إذْ هو أضعف حَالا، وقد قيل: إن إطلاق وصي القاضي من إلى نظره جائز بغير إذن القاضي وإن لم يُعرف ذلك إلّا بقوله، وبالله التوفيق.
[مسألة: يقول أنفقوا على فلان ما عاش فيغرق له مال فيموت]
مسألة وسُئِلَ: عن رجل قال: أنفقوا على فلان عشر سنين فعزلت نفقة عشر سنين ثم أنفق عليه فهلك بعد سنتين أو ثلاثة لمن ترى بقية ما بقي مما عزل؟ قال: أراه لورثة المُوصِي وليس لورثة الذي أوصى له منه شيء، وإنما هذا عندي بمنزلة من يقول: أنفقوا على فلان ما عَاشَ فيُعْزَق له مالٌ فيموت فيرجع ذلك لورثة الذي أوصى، فهذا مثله.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال: إنه إذا أوصى أن يُنْفق عليه عشر سنين فعزلت نفقته العشر سنين فهلك بعد سنة أو سنتين إنَّ ما بقي يكون لورثة الموصي؛ لأن المعنى فيما أوصى به أن يُنفق عليه عشر سنين إن هو عاش إليها، وذلك بخلاف لو أوصى له بخدمة عبد عشر سنين أو بسكنى دار عشر