بعد هذا من هذا الكتاب. وقال أصبغ: إذا قال وهبته أو تصدقت به أو بعته، فهي حقوق قد أقر بها على نفسه، يريد فيؤخذ بها إذا ادعى ذلك المقر له بغير هذا الإقرار. وقد اختلف إذا خطبت إلى رجل ابنته، فقال: قد زوجتها فلانا، فطلب ذلك المقر له، على ثلاثة أقوال: أحدها: أن النكاح يجب له طلبه بذلك القول أو بقول متقدم، وهو أحد قولي أصبغ، وإليه ذهب ابن حبيب. والثاني: الفرق بين أن يطلبه بذلك القول أو بقول متقدم، وهو قول ابن كنانة في كتاب الدعوى وقول أصبغ، وروايته عن ابن القاسم، في رسم النكاح من سماع أصبغ من كتاب النكاح. والثالث: أنه لا شيء له، طلبه بذلك القول، أو بقول متقدم، وهو قول ابن المواز، وبالله التوفيق.
[: يتصدق بماله كله لله ويتخلى منه]
ومن كتاب أوله باع غلاما وسئل: عن الرجل يتصدق بماله كله لله، ويتخلى منه. قال: إن كان صحيحا فلا بأس، واحتج في ذلك بقول أبي بكر حين ندب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في صدقة أبي بكر حين أتى بماله كله، وليس لورثته إن كانوا له أن يمنعوه هذا.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال: إن ذلك جائز للرجل إذا كان صحيحا ليس لورثته أن يمنعوه من ذلك. والأحسن للرجل أن يبقي على نفسه بعض ماله، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا}[الفرقان: ٦٧] . وقوله:{وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ}[الإسراء: ٢٩] .