[مسألة: حلف ألا يسلف أحدا شيئا فاشترى سلعة فوجد بها عيبا فأراد ردها]
مسألة وسئل عمن حلف ألا يسلف أحدا شيئا فاشترى سلعة فوجد بها عيبا فأراد ردها فقال له البائع: أخرني بالثمن وأنا أقبل سلعتي، فقال له: لا يفعل فإن فعل حنث.
قال محمد بن أحمد: قول ابن القاسم إنه يحنث إن أخره بالثمن على أن يقبل منه السلعة ويصدقه فيما يدعي من العيب فيسقط عنه بذلك ما يلزمه من الإثبات أو اليمين صحيح على أصله في أن ذلك جائز لأنه قد وجب له رد السلعة وأخذ الثمن معجلا فتأخيره به معروف منه صنعه به، فوجب أن يحنث بذلك لأنه في معنى السلف سواء، وإن كان ذلك لا يسمى سلفا وإنما يسمى إنظارا، قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من أنظر معسرا فله بكل يوم صدقة أو بكل يوم مثله صدقة» على ما روي عنه من ذلك ولم يقل من السلف معسرا إذ لا يسمى سلفا إلا ما دفع عن ظهر يد، فلو ادعى الحالف أنه أراد بيمينه ألا يسلف أحدا سلفا عن ظهر يد لوجب أن ينوي وإن حضرته بينة فيما يقضى به عليه، ويأتي في هذه المسألة على القول بأنه لا يجوز أن يؤخره بالثمن على أن يقبل منه السلعة أنه لا يحنث بذلك إن فعله؛ لأنه ليس بسلف عن ظهر يد ولا في معنى السلف إذ لم يؤخره بالثمن إرادة الرفق به وإنما أخره عنه لما أسقط عنه مما كان يلزمه إياه بالحكم من إثبات العيب أو اليمين، فأشبه المبايعة وخرج عن حكم السلف، وهذا على ما في رسم البدع من سماع أشهب من كتاب المديان وعلى ما يدل عليه قول مالك في كتاب الصلح من المدونة خلاف قول ابن القاسم فيه، وهو أظهر لأن إثبات العيب أو اليمين ليس بلازم له في باطن الأمر وتكليف البائع إياه ذلك لا يحل له إن كان عالما بصدق ما يدعي، وسيأتي في رسم من باع شاة مسألة من حلف ألا يسلف رجلا فأنظره بحق كان له عليه.