مسألة وسئل عن القرآن يكتب أسداسا وأسباعا في المصاحف، فكره ذلك كراهية شديدة وعابه وقال لا يفرق القرآن وقد جمعه الله تعالى، وهؤلاء يفرقونه، لا أرى ذلك.
قال محمد بن رشد: أنزل الله تبارك وتعالى القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا، ثم أنزل على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شيئا بعد شيء حتى كمل الدين، واجتمع القرآن جملة في الأرض كما أنزله الله تعالى من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا، فوجب أن يحافظ على كونه مجموعا، فهذا وجه كراهية مالك لتفريقه والله أعلم.
[مسألة: الصلاة في الحمام وقراءة الآية والآيتين]
مسألة قال مالك: لا أرى بأسا بالصلاة في الحمام وأن يقرأ فيه بالآية والآيتين والثلاث.
قال محمد بن رشد: قوله: لا أرى بأسا بالصلاة في الحمام، معناه إذا أيقن بطهارته؛ لأنه قد روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه «نهى عن الصلاة في سبعة مواطن، أحدها الحمام» ، ومعنى النهي عن ذلك عند مالك لما يتقى من نجاسته إذ هو موضع يتخذ للاغتسال من النجاسة وغيرها، فينبغي أن يحمل داخله على النجاسة حتى يوقن بطهارته، وخارجه حيث يخلع الناس ثيابهم على الطهارة حتى يوقن فيه بالنجاسة.
ولعله تكلم في هذه الرواية على خارج الحمام، ولذلك لم يشترط أن يعلم طهارة الموضع الذي صلى فيه، وتكلم في المدونة على داخله، ولذلك اشترط طهارة الموضع فقال: إذا كان مكانه طاهرا فلا بأس به، ولم يجز أن يقرأ فيه بالآية والآيتين والثلاث، على سبيل الارتياع والتعوذ لأنه قرآن كريم، فواجب أن يجل على أن يتلى في المواضع