المنهي عن الصلاة فيه عند الطلوع وعند الغروب. ألا ترى أن رجلين لو كان أحدهما قد صلى العصر والثاني لم يصلها لجاز للذي لم يصل العصر أن يتنفل ولم يجز ذلك للآخر والوقت لهما جميعا وقت واحد، فإنما نهي الذي صلى العصر عن الصلاة بعد العصر حماية للوقت المنهي عن الصلاة فيه، لا لأن الصلاة فيه حرام.
روي عن المقدام ابن شريح:«قلت لعائشة كيف كان يصنع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعد الظهر والعصر، قالت: كان يصلي الهجير ثم يصلي بعدها ركعتين. ثم كان يصلي العصر ثم يصلي بعدها ركعتين، قال فقلت: فأنا رأيت عمر يضرب رجلا رآه يصلي بعد العصر، فقالت: لقد صلاهما عمر ولقد علم أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلاهما، ولكن قومك أهل اليمن قوم طغام فكانوا إذا صلوا الظهر صلوا بعدها إلى العصر وإذا صلوا العصر صلوا بعدها إلى المغرب فقد أحسن» .
فلما كان هذا الذي صلى ركعة من العصر ثم ذكر أنه قد صلاها في وقت ليس بوقت منهي عن الصلاة فيه لأن الصلاة فيه حرام، وجب أن يتم ركعتين ولا يبطل عمله، لقول الله عز وجل:{وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ}[محمد: ٣٣] ، فهذا وجه قول مالك والله أعلم.
ولو ذكر قبل أن يركع لكان الأظهر أن يقطع على قياس قوله في مسألة رسم "أوله مرض " بعد هذا، ولو ذكر قبل أن يركع من صلاة يصلي بعدها لجرى ذلك على اختلاف قول ابن القاسم وأشهب في كتاب الصيام من المدونة في الذي يظن أن عليه يوما من رمضان فيصبح صائما، ثم يعلم أنه لا شيء عليه، وبالله التوفيق.