[مسألة: أكرى داره خمسين سنة أو أكثر وقبض الكراء ثم مات]
مسألة قال سحنون، في رجل حبس دارا له على ولده وولد ولده: لا تباع ولا تورث حبسا صدقة والولد صغار في حجر أو كبار بالغون فأكراها الأب المحبس من رجل خمسين سنة أو أكثر وقبض الكراء ثم مات بعد ذلك بيسير وترك مالا أو مات عديما لا مال له، ثم قام هؤلاء المحبس عليهم فأرادوا فسخ الكراء، هل ترى لهم ذلك أم لا؟ وكيف إن كان الولد صغارا في حجر أبيهم وأشهد لهم الأب أنه إنما أكرى هذه الدار لهم أو لم يشهد لهم بذلك؟ وكيف إن لم يوجد للأب مال ورأيت فسخ الكراء، هل يباع من هذه الدار شيء قدر الكراء أم لا؟ ما القول في ذلك كله؟.
قال سحنون: أما حبسه على الأكابر البالغين فأراه غير جائز لأنهم لم يقبضوا -وهم ممن يقبض- حتى أغلق الكراء فيها ثم مات ولم يقم عليه.
وأما الولد الصغار فإذا أشهد لهم بالحبس وهو القابض لهم ثم فعل من إغلاقها بالكراء إلى الأمد الذي لا يحوز له وإنما كان يجوز له أن يكري عليهم إلى مقدار بلوغهم ونحو ذلك، فإذا مات قبل بلوغ الصغار فإن كراءه لا يجوز إلى هذا الأمد البعيد ويفسخ ما فات منه وبعد، ويرجع الذين اكتروا بما بقي لهم من بعدهم في مال الأب إن كان له مال، وإن لم يكن له مال فهو دين يطلب به في الآخرة.
قال محمد بن رشد: هذا كله بين على ما قاله، أما الكبار فلما لم يحوزهم ما حبس عليهم حتى مات وقد كان أغلق الكراء عليها وجب أن يبطل الحبس لعدم الحيازة فيه، وإن بطل الحبس وجب أن ينفذ الكراء على ورثته في الدار إلى الأمد الذي أكراها إليه، كمن أكرى داره خمسين سنة أو أكثر وقبض الكراء ثم مات.