من فعل اليهود، وأما رفعهما إلى الله عز وجل عند الرغبة على وجه الاستكانة والطلب، فإنه جائز محمود من فاعله، وقد أجازه مالك في المدونة في مواضع الدعاء وفعله فيها، واستحب في صفته أن تكون ظهورهما إلى الوجه، وبطونهما إلى الأرض، وقيل في قول الله عز وجل:{وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا}[الأنبياء: ٩٠] إن الرغب بكون بطون الأكف إلى السماء، والرهب بكونها إلى الأرض، وقد وقع لمالك بعد هذا في رسم "المحرم" من هذا السماع: أنه لا يعجبه رفع اليدين في الدعاء، ومعنى ذلك الإكثار منه في غير مواضع الدعاء، حتى لا يختلف قوله، والله أعلم، وبه التوفيق.
[مسألة: السدل في الصلاة]
مسألة وسئل عن السدل في الصلاة، وليس عليه قميص سوى إلا أن يرخيه وبطنه مكشوف، قال: لا بأس بذلك، إذا كان عليه غير ذلك.
قال محمد بن رشد: صفة السدل أن يسدل طرفي ردائه بين يديه، فيكون صدره وبطنه مكشوفا، فأجاز ذلك إذا كان عليه غير ذلك، يريد - والله أعلم - إن كان عليه مع الإزار غير ذلك من ثوب يستر سائر جسده. وأجازه في المدونة وإن لم يكن عليه إلا إزار أو سراويل تستر عورته، وحكى أنه رأى عبد الله بن الحسن وغيره يفعل ذلك، ومعنى ذلك إذا غلبه الحر، إذ ليس من الاختيار أن يصلي الرجل مكشوف الصدر والبطن من غير عذر، وقد «روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من رواية أبي هريرة وأبي حجيفة: أنه نهى عن السدل في الصلاة» ، فكره لذلك بعض أهل العلم أن يسدل الرجل في صلاته، وإن كان عليه مع الإزار قميص، وقال: ذلك فعل اليهود، والله أعلم، وبه التوفيق.