بعد الثلث، فقال النبي المعصوم عن ربه عز وجل:«إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوما نطفة ثم أربعين يوما علقة ثم أربعين يوما مضغة ثم يأتي الملك فيقول أي رب ذكر أم أنثى شقي أم سعيد فينفخ فيهما الروح» فيقع الفصل من الله بالتذكير إن شاء ذكرا وإن شاء أنثى. بعد هذا الأمر المشترك فيه وهو من العام ثلثه. وقال:{اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى}[الرعد: ٨] الآية. وبين الاعتبار من قَوْله تَعَالَى في الآيتين إحداهما {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ}[البقرة: ٢٣٣] ، والثانية قوله عز وجل:{وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا}[الأحقاف: ١٥] أن أمد الغيض وهو النقصان من الأمر المعلوم في العادة وهو تسعة أشهر في الأغلب والأكثر، ثلاثة أشهر، وأن الولد يصح نسبه لستة أشهر. فإذا اعتبر الزيادة بالنقصان اعتبارا عدلا حملنا على التسعة الأشهر ثلاثة أشهر كما نقصنا منها ثلاثة أشهر. وفي حملنا ثلاثة أشهر على تسعة أشهر تمام العام.
وقد تقدم أن الأربعة الأشهر المشترك فيها ثلث العام. فكما اشتركا من العام وهو منتهى الأمد على الاعتبار الذي ذكرناه في ثلثه في الخلقة، ثم وقع الفصل بعد الثلث وانفرد الذكر بتذكيره والأنثى بتأنيثها، فكذلك يشتركان في المعاقلة في الثلث، ثم يرجع بعد الثلث كل واحد منهما إلى عقل نفسه كما رجع بعد ثلث العام إلى صورة نفسه. وحسبك بهذا بيانا واضحا ودليلا مرشدا، وبالله التوفيق.
[الدين هو الحسب]
في أن الدين هو الحسب وحدثني أبو عبد الله محمد بن أحمد العتبي عن عيسى أنه قال: بلغني «أن أعرابيا دخل مسجد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ