والقول الثالث: أن ما كان منها لا يشبه بعضه بعضا، يريد في المنفعة كالحمص والفول والترمس والكرسنة، فهي أصناف مختلفة، يجوز التفاضل فيها؛ وما كان منها يشبه بعضه بعضا كالحمص والعدس، فهو صنف واحد، وهو قوله في أول رسم من سماع أشهب، ولم يختلف قوله فيها في الزكاة أنها صنف واحد؛ وقد مضت هذه المسألة متكررة في كتاب السلم والآجال، في هذا الرسم بعينه، ومضى القول عليها هناك مستوفى.
[مسألة: يأتي إلى الحائك فيجد عنده ثوبا قد نسج جله وبقي بعضه فيشتريه]
مسألة وسئل مالك عن الرجل يأتي إلى الحائك فيجد عنده ثوبا قد نسج جله، وبقي بعضه، فيشتريه منه وينقده ثمن الثوب حتى ينسج الثوب؛ قال: لا خير فيه؛ لأن الثوب يختلف نسجه يكون آخره شراء من أوله، ولا أحبه؛ قال سحنون: هذه جيدة، فقس عليها ما ورد عليك.
قال محمد بن رشد: إنما لم يجز هذا من أجل أنه اشترى بقية الثوب على أن ينسجه البائع، فصار بيعا وإجارة في نفس الشيء المبيع، والبيع والإجار في نفس الشيء المبيع؛ إنما يجوز على مذهب ابن القاسم وروايته عن مالك فيما يعرف وجه خروجه، كالقمح على أن على البائع طحينه، والثوب على أن على البائع خياطته استحسانا أيضا على غير قياس؛ أو فيما لا يعرف وجه خروجه إلا أنه يمكن إعادته إلى العمل حتى يأتي على الصفة، كالفضة على أن على البائع صياغتها، أو الصفر على أن على البائع أن يعمل منه أقداحا صفة، وما أشبه ذلك؛ وأما ما لا يدرى وجه خروجه، ولا يمكن إعادته إلى العمل، إن خرج على غير الصفة، كالغزل