[مسألة: محل الشعائر كلها وانقضاؤها إلى البيت العتيق]
مسألة قال مالك: قال الله عز وجل: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ}[الحج: ٣٢] عرفات، والمزدلفة، والصفا والمروة، فمحمل الشعائر في البيت العتيق.
قال محمد بن رشد: تأول مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - أن الشعائر في هذه الآية مناسك الحج على ما ذكر، فالمنافع التي ذكر الله تعالى بقوله:{لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ}[الحج: ٣٣] على تأويله، هو العمل لله بما أمر فيها من عمل الحج، والأجل المسمى هو انقضاء أيام الحج، وقيل المنافع فيها الأسواق بها والتجارات فيها، والأول أظهر؛ لقوله عز وجل:{ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ}[الحج: ٣٣] ، أي محل الشعائر كلها وانقضاؤها إلى البيت العتيق بالطواف به، كما قال عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لا يصدرن أحد من الحاج حتى يطوف بالبيت، فإن آخر المنتسك الطواف بالبيت، فقد تأول مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - في موطاه على عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه قال ذلك من هذه الآية، وأما قوله عز وجل:{ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ}[الحج: ٢٩] الآية، فإنه الطواف الواجب لا طواف الوداع، وقد تأول أن الشعائر المذكورة في الآية هي البدن، وأن المنافع التي لنا فيها ركوبها ونتاجها وألبانها، إلى أجل مسمى، وهو إيجابها بدنا، وقيل: إن المنافع ركوبها بعد إيجابها هدايا عند الحاجة إلى ذلك،