على أن يختارها هو لنفسه؛ إذ لا ينزل أحد منزلته في اختيار ما اشترى إلا ورثته، هذا معنى قوله، وهو بعيد؛ وقد قال بعض الشيوخ على قول أشهب هذا: إنما لم يجز له أن يقدم من يختار له؛ لأن من حق البائع أن يقول: إنما رخصت عليك في الثمن؛ لأني علمت أنك غير ما هي بالاختيار في الغنم؛ فرجوت أن تختار ما ليس بخيارها، وهذا ليس بشيء؛ إذا لو كان البائع إنما دخل معه على ألا يختار إلا هو لهذا المعنى، لكان غررا؛ وقد قال يحيى بن دحون: إن اشترط البائع عليه أن يختار هو لنفسه لزمه، وليس بصحيح؛ فإن اشترى منه عشرة من خيرة غنمه وسكتا فلم يقل: أختارها أنا ولا أنت، واختلف في خيرتها، فقال البائع: هذه هي خيرتها فخذها، وقال المبتاع: بل هذه هي، دعي لذلك أهل المعرفة والبصر، قاله ابن حبيب، وهو صحيح؛ لأن البيع إذا وجب في خيرتها وسكتا عمن يختارها، فكأنه شيء معلوم.
[مسألة: يشتري الرقيق من الرجل بأفريقية فيقدم الفسطاط بها فيوجد البيع حرام]
مسألة وسألته عن الرجل يشتري الرقيق من الرجل بأفريقية، فيقدم الفسطاط بها، فيوجد البيع حراما، هل يكون فيه رد؟ وهل قدومه بها فوت؟ قال: ليس البلدان فوتا، إلا أن يفوت بنماء أو نقصان، أو اختلاف أسواق، أو طول زمان؛ فإن كانت الأسواق قد اختلفت فهو فوت، وما أرى إلا أن الفوت قد دخلها؛ لأن سوق القيروان وسوق الفسطاط ليسا واحدا؛ قلت: فلو اشتراها بالإسكندرية، وقدم