في النهي عن سؤال الِإمارة قال مالك: سمعت وكان مما يحدث به الناس أن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قال:«لَا تَسَل الْإمَارَةَ، فَإِنَّكَ إِنْ تُؤتَهَا مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ تعَنْ عَلَيْهَا وَإِنَّكَ إِنْ تُؤتَهَا عَنْ مَسألَتِهَا تُوكَلْ إلَيْهَا» .
قال محمد بن رشد: الذي قال ذلك له النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عبد الرحمن بن سَمُرة، كذلك في البُخاري عنه. والمعنى في هذا الحديث بيِّن. فيه من الفقه أنه لا ينبغي أن يولى القضاء من أراده، وإن اجتمعت فيه شروط القضاء، مخافة أن يوكل إليه، فلا يقوم به، ولا يقوى عليه. قال رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِنا لَا نَسْتَعْمِلُ عَلَى عَمَلِنَا مَنْ أرَادَ» ونظر عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى شاب في وفد وفدَ عليه، فاستحلاه وأعجبه، فإذا هو يسأله القضاء فقال له عمر: كدت أن تغُرنا بنفسك، إن الأمر لا يقوَى عليه من يُحبه.
[ما يُحذَّر من فساد الزمان]
فيما يُحذَّر من فساد الزمان قال مالك: يوشك أن يأتي على الناس زمان يَقل فيه الخير في الدين، ويقل فيه الخير في الدنيا.
قال محمد بن رشد: قول مالك هذا قول رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «خَيْرُ الْقُرُونِ قَرْنِي ُثَم الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُم» وقال