قال محمد بن رشد: قوله إنه يكره للرجل أن يصرف من صراف بذهب ورقا ثم يصرفها منه بذهب آخر، معناه في المجلس أو يقرب ذلك بعد اليوم واليومين على ما في المدونة، وأما إذا طال الأمر فذلك جائز، وإنما يكره ذلك للتهمة ويفسخ من أجل الذريعة، فإذا ارتفعت التهمة وظهرت البراءة في فعلهما جاز ذلك وذلك مثل أن يبيع الدراهم منه في المجلس بحضرتهما قبل التفرق بذهب مثل عين ذهبه أقل منها أو أكثر أو مخالف لعينها في مثل وزنها؛ لأنه إذ أخذ منه مثل عين ذهبه أقل أو أكثر يبرأ من التهمة إذ لا يتهم أحد في دفع عشرة يأخذ عشرة يدا بيد وإذا أخذ منه ذهبا مخالفة لعينها في مثل وزنها كانت مراطلة، وإنما الذي لا يجوز له أن يأخذ منه بالحضرة قبل التفرق ذهبا مخالفة لذهبه في عينيها ووزنها، وأما بعد التفرق بالقرب فلا يجوز له أن يأخذ منه إلا مثل عين ذهبه في مثل وزنها أو أقل من وزنها، فإن طال الأمر بعد التفرق جاز أن يأخذ منه ما شاء.
وأما تركه الذهب عنده وديعة بعد المصارفة فيه فإنما لم يجز ذلك من أجل أنه إذا صرف الذهب إليه أن الأمر إلى الصراف المتأخر فإنهما على القصد إلى ذلك، ولو صح ذلك منهما لم يكن عليهما فيه حرج، وقد أجاز ذلك ابن وهب في سماع أبي جعفر إذا طبع عليها، وهو بعيد لأن الطبع عليها لا يرفع التهمة عنهما بخلاف رهن ما لا يعرف بعينيه إذا غيب عليه، وبالله التوفيق.
[يبتاع بمثقال الذهب دراهم فيجد الذهب غير جيدة فيرده عليه ويقول إني قد وجدته غير جيدة]
ومن كتاب الشجرة تطعم بطنين في السنة وسئل مالك عن الذي يبتاع بمثقال الذهب دراهم فيجد الذهب غير جيدة فيرده عليه ويقول: إني قد وجدته غير جيدة،