[مسألة: يقول لامرأته أنت طالق البتة إن سألتني الطلاق إن لم أطلقك فسألته]
مسألة وقال في الرجل يقول لامرأته: أنت طالق البتة إن سألتني الطلاق، إن لم أطلقك، فسألته الطلاق فقال: أمرك بيدك، فقضت بالطلاق أو تركته: إن ذلك لا يخرجه من يمينه، وقد حنث بالذي حلف به من الطلاق واحدة، أو أكثر منها؛ لأنها حين سألته الطلاق لم يطلقها كما حلف، وليس يكون التمليك طلاقا أبدا، وربما ردت ذلك المرأة، ولم تقض شيئا فأراه حانثا.
قال: أرأيت إذا لم يقل: إن سألتني الطلاق فلم أطلقك ساعتئذ فأنت طالق، فأحب أن يؤخر ذلك أياما، فقال: أنا أطلقها يسوف نفسه يوما بيوم، أيكون ذلك له؟ قال: لا يجوز له تأخير ذلك عن مجلسها الذي سألته الطلاق فيه، فإن أخر ذلك حنث.
قال محمد بن رشد: سحنون يقول: إنها إن طلقت نفسها بر، وإن لم تطلق نفسها حنث، ولا كلام في أنها إذا لم تطلق نفسها ولا طلقها هو حتى انقضى المجلس الذي سألته فيه الطلاق فقد حنث، وإنما الكلام إذا طلقت نفسها بالتمليك، أو ردت فطلقها هو في الحين، فقول ابن القاسم: إنه حانث صحيح، إن كان ملكها، ونيته أنها إن ردت بقيت زوجة له، وقول سحنون: لا حنث عليه صحيح أيضا إن كان ملكها، ونيته أن يطلقها إن ردت ولم تطلق، فحصل من هذا أن الخلاف بينهما إنما هو على ما يحتمل أمره إن لم تكن له نية، والله أعلم.
وقوله: إنه لا يجوز له تأخير ذلك عن مجلسها الذي سألته الطلاق فيه، فإن أخر ذلك حنث صحيح، وقد مضى ما يبينه في أول مسألة من رسم إن أمكنني، من سماع عيسى، فلا معنى لإعادته، وفي سماع أبي زيد أنه لو قال: لأعطينها أو للألحفنها، لبر بتمليكه إياها، إلا أن يكون أراد بذلك لأطلقنها، وهو صحيح، ليس بخلاف؛ لقوله هاهنا، وبالله التوفيق.