للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الثياب والأبدان سنة لا فريضة، فمن صلى بثوب نجس على مذهبهم ناسيا أو جاهلا بنجاسته أو مضطرا إلى الصلاة فيه أعاد في الوقت. واختلف في الوقت الذي يعيد فيه على ثلاثة أقوال: أحدها: الاصفرار، والثاني: الغروب، والثالث: أنه الغروب في المضطر والاصفرار فيما سواه. وإن صلى به عالما غير مضطر أو متعمدا أو جاهلا أعاد أبدا لتركه السنة عامدا. ومن أصحابنا من قال: إن رفع النجاسات عن الثياب والأبدان فرض بالذكر يسقط بالنسيان، كالكلام في الصلاة، وليس ذلك عندي بصحيح؛ لأنه ينتقض بالذي يصلي فيه مضطرا إلى الصلاة به؛ لأنه ذاكر ولا يعيد إلا في الوقت. وقال بعضهم: فرض مع الذكر والقدرة تحرزا من هذا الاعتراض.

[مسألة: في الفارة تموت في البئر]

] وقال مالك في ثياب أصابها ماء بئر وقعت فيه فارة فماتت وتسلخت، قال: أرى أن يغسل ما أصابه من الثياب، وأما الصلاة فلا يعيد إلا ما أدرك وقته.

قال محمد بن رشد: لم يبين في هذه الرواية إن كان الماء تغير من ذلك أو لم يتغير، وتأويلها يتخرج على الوجهين، فإن كان أراد أن الماء تغير من ذلك، فيحمل قوله: أرى أن يغسل ما أصابه من الثياب على الوجوب، ويحمل قوله على أن الصلاة لا يعيد منها إلا ما أدرك وقته على أنه لم يتوضأ من ذلك الماء، وإنما صلى بما أصابه ذلك الماء من الثياب؛ إذ لو توضأ من ذلك الماء وقد تغير لوجب أن يعيد الصلاة أبدا. وقد وقع ذلك من رواية ابن القاسم في هذا السماع في بعض الروايات، ونص ذلك: قال ابن القاسم عن مالك: إذا تغير لون الماء وطعمه أعاد أبدا، وهذا ما لا اختلاف فيه، وإنما

<<  <  ج: ص:  >  >>