ومن كتاب الرطب باليابس قال ابن القاسم: سمعت مالكا يذكر أن عاملا لعمر بن عبد العزيز كتب إليه: إن الناس قد أسرعوا في أداء الزكاة ورغبوا في ذلك لموضع عدلك. وأنه قد اجتمعت عندي زكاة كثيرة، فكأن عمر كره ذلك من كتابه لمدحه، فكتب إليه: ما وجدوني وإياك على ما رجوا وظنوا، فاقسمها. قال ابن القاسم: وقال عمر: وأي رأي لي فيها حين كتب.
قال محمد بن رشد: في هذا فضل عمر بن عبد العزيز، وقوله: وأي رأي لي فيها - يريد: أنه لا رأي لأحد في ذلك مع السنة الثابتة عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - في الصدقة: أن تؤخذ من الأغنياء فترد على الفقراء.
[يشتري الحلي فيريد أن يحبسه حتى يصدقه امرأته فيحول عليه الحول وهو عنده]
ومن كتاب أوله تأخير صلاة العشاء وسئل مالك: عن رجل يشتري الحلي فيريد أن يحبسه حتى يصدقه امرأته، فيحول عليه الحول، وهو عنده؟ - أترى أن يزكيه؟ فقال: نعم.
قال محمد بن رشد: لأشهب في كتاب ابن المواز والواضحة، ولأصبغ في الواضحة، أنه لا زكاة عليه، وقول مالك أظهر؛ لأن الحلي من الذهب والفضة تجب في عينه الزكاة بظاهر ما في القرآن، والسنن، والآثار، فلا تسقط منه الزكاة إلا بحبسه للانتفاع بلبسه في الحال، قياسا على الثياب التي تلبس، والعروض التي تقتنى؛ لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ليس