هو على عادته في أن يقول في الحرام الذي لا يحل ولا يجوز: أكره ذلك ولا أحبه؛ لأنه كان يكره أن يقول حرام إلا على ما نص على تحريمه في الكتاب والسنة. وستأتي المسألة في رسم الجواب من سماع عيسى من كتاب السلطان ونتكلم عليها بأوعب من هذا الكلام إن شاء الله عز وجل وبه التوفيق.
[مسألة: الشهادة على السماع بالقضاء]
مسألة وسئل عن فريقين اختصموا فقضي على أحد الفريقين فخرج المقضى عليهم يحدثون الناس علانية أنه قد قضي عليهم، ثم احتيج إلى قضاء ذلك القاضي فلم يوجد عند أحد منهم علم إلا الذين كان المقضي عليهم يقولون عندهم قد قضي علينا فيسألوا الشهادة بذلك، فقالوا: أما أنه لا يشهد بها. قال: أرى أن يشهدوا بذلك على وجه يقولون سمعناهم يذكرون ذلك، فلا ندري أكان ذلك أم لا؟ قال: ولربما قال المرء قد قضي علي وما قضي عليه، وإني لأرى هذه الشهادة ضعيفة.
قال محمد بن رشد: وقع في هذه المسألة في بعض الروايات أمانة لا يشهد بها، وفي بعضها أم أنه لا يشهد بها وهو أظهر في المعنى. وقوله فيها: إنهم يشهدون بما سمعوا منهم على وجه ما سمعوه منهم صحيح، لا يجوز لهم سوى ذلك وهي ضعيفة على ما قال، لا يصح الحكم بها، إذ ليس بإقرار صريح منهم على تنفيذ الحكم عليهم، إذ قد يقول المرء قضي علي لما يرى من أسباب وجوه تنفيذ القضاء عليه وقرب ذلك عنده وإن لم يكن بعد، على عادة العرب في تسمية الشيء باسم ما قرب منه ألا