[مسألة: المختلعة يتزوجها زوجها ثم يطلقها قبل أن يمسها أتستأنف العدة أم تبنى]
مسألة وسئل عن المختلعة يتزوجها زوجها ثم يطلقها قبل أن يمسها أتستأنف العدة أم تبنى؟ قال: بل تبنى، وذلك أنه ليس لها إلا نصف الصداق، وهو نكاح جديد، ولا يشبه الذي يطلقها واحدة ثم يرتجعها، تلك تستأنف العدة، وإن لم يطأها ليس حالهما واحدة.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال: لأن المختلعة قد بانت من زوجها، فإن تزوجها ثم طلقها قبل أن يمسها لم يكن عليها عدة من هذا الطلاق الثاني؛ لأنها مطلقة قبل الدخول، فوجب أن تبني على عدتها؛ لأنها عدة قد لزمتها من طلاق بعد الدخول، فلا تنهدم إلا بالدخول، ولو مات الزوج بعد أن تزوجها، وقبل أن يدخل بها، لوجب عليها أقصى الأجلين، لوجوب العدتين جميعا عليها، الأولى بالخلع بعد الدخول، والثانية بالموت بعد النكاح وقبل الدخول، وأما التي يطلقها واحدة، ثم يرتجعها فيطلقها قبل أن يمسها "فإنها تستأنف العدة لأن الرجعة تهدم العدة، ويعود بها الزوج إلى حاله قبل الطلاق؛ لأن العصمة لم تزل بالطلاق، وإنما حدث به فيها ثلم صلح بالرجعة، فوجب إذا ارتجعها ثم طلقها، أن يستأنف العدة، مس بعد ارتجاعه أو لم يمس؛ لأنه وإن لم يمس بعد الرجعة، فقد مس قبلها وقبل الطلاق الذي انهدمت عدته بالرجعة، فصار طلاقه هذا طلاقا من نكاح قد مس فيه، وكذلك الموت يهدم العدة عند مالك، كما تهدمها الرجعة عنده، فترجع المرأة إذا مات زوجها في العدة، إلى عدة الوفاة، ومن أهل العلم من يرى أنه لا يهدمها، فتعتد المرأة إذا مات زوجها في عدتها أقصى الأجلين، وهو قول ابن عباس وسليم بن يسار، وابن شهاب، ولا أحفظ من يقول إن الرجعة لا تهدم العدة، وأنه إذا ارتجعها ثم طلقها قبل أن يمسها إنها تبني على العدة، إلا ما يروى عن منازعة ابن أبي ذيب في ذلك لابن شهاب، إذ قال له ابن شهاب: إنها تستأنف العدة، فقال له ابن أبي ذيب: ما هكذا قلت لي، فقال له: نعم، فقال له: لا، فقال له: نعم، فقال له: كذبت، فقال له: بل كذبت،