وقد قال بعض الرواة عن أبي موسى في هذا الحديث: إنه قد كان استتابه قبل ذلك أياما، وهو الصحيح إن شاء الله؛ لأنه لم يحفظ عن الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - اختلاف في استتابة المرتد، وإنما اختلفوا في حدها، فمنهم من قال: يستتاب مرة واحدة، ومنهم من قال: شهرا، ومنهم من قال: ثلاثة أيام، وهو الذي عليه أكثر أهل العلم، والأصل في ذلك قَوْله تَعَالَى:{فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ}[هود: ٦٥] وقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يحل لأحد أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام» .. الحديث، فبان بهذا أن الثلاثة أيام في حيز اليسير، فمن ذلك أخذ استظهار الحائض بثلاثة أيام إذا استمر بها الدم، ومنه أخذ الحاكم التلوم في الإعذار ثلاثة أيام، ومنه أخذ تأخير الشفيع بالنقد ثلاثة أيام، ومنه أخذ جواز تأخير رأس مال السلم اليومين والثلاثة، وما أشبه ذلك في غير موضع من العلم كثير، وقد مضى في نوازل سحنون من كتاب الديات القول فيمن قتل مرتدا عمدا قبل أن يستتاب وتوجيه الاختلاف في ذلك، وبالله التوفيق.
[: المراد بالقدرية وحكمهم]
ومن كتاب الأقضية الثالث وسئل مالك عن القدرية فقال: قوم سوء فلا تجالسوهم، قيل: ولا نصلي وراءهم؟ قال: نعم، وقال سحنون: كان ابن غانم يقول في كراهية مجالسة أهل الأهواء: أرأيت لو أن أحدكم قعد إلى سارق في كمه بضاعة أما كان يختزنها منه خوفا أن يغتاله فيها فلا يجد بدا أن يقول نعم، قال: فدينكم أولى بأن تحرزوه وتتحفظوا به، وسئل