أخوف؛ فإذا كان كذلك، اثر الرجل ناحيته؛ فإن كان فيه غنما، فالمصيصة أحب إلي، ولا أرى أن يقاتلوا إلا أن يدعوا ورأيته يكره التبييت.
قال محمد بن رشد: روي في الرباط فضل كثير، وقد قيل إنه أفضل من الجهاد؛ وقد مضى القول في ذلك في رسم "الشجرة تطعم بطنين في السنة "، فلا معنى لإعادته. وقوله رأيته يكره التبييت - يريد قبل أن يتقدم إليهم بالدعوة؛ وأجاز التبييت محمد بن المواز، واحتج بقصة كعب بن الأشرف - يريد أن ذلك جائز فيمن قد بلغته الدعوة، إن التبييت تابع لها، فهو لا يجوز حين تجب الدعوة، ويكره حيث تستحب الدعوة، ويجوز حيث لا تجب الدعوة، وقد قيل إن ذلك اختلاف من القول - حيث لا تجب الدعوة، فمرة أجازه، ومرة كرهه، لما جاء من أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان إذا جاء قوما بليل لم يغز حتى يصبح، وذلك لوجهين: أحدهما مخافة أن يصيبوا الولدان والنساء. والثاني: مخافة أن يؤتى عليهم في ذلك لجهلهم بالبلد - والله أعلم، وسيأتي القول في الدعوة قبل القتال في أول نوازل أصبغ من هذا الكتاب.
[مسألة: النفقة يعطاها الرجل في سبيل الله فيفضل معه فضلة فيريد أن يخرج]
مسألة وسئل مالك عن النفقة يعطاها الرجل في سبيل الله، فيفضل معه فضلة فيريد أن يخرج، قال مالك: ليردها إلى من دفعها إليه إن شاء، أو يفرقها في سبيل الله؛ قال مالك: ومن أعطي شيئا في الحج للنفقة، فليرد ما فضل من دفعها إليه؛ إلا أن يكون استؤجر استئجارا، فيكون له ما فضل؛ ومن أعطي شيئا يقسمه في سبيل الله، فليقسمه كما أعطي، فإن لم يجد فليرده.
قال محمد بن رشد: وهذه المسألة متكررة في مواضع، وقد مضى القول عليها - موعبا في أول رسم من هذا السماع، فلا وجه لإعادته.