النكاح ولكنها تستخلف رجلا يكون هو الذي يعقده؟ فقال لي: بلى.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال؛ لأن كل من لا يجوز أن يكون وليا للمرأة من امرأة وعبد أو نصراني، فلا يجوز لهم إذا استخلفوا على امرأة أن يلوا العقد عليها، وإنما يجوز لهم أن يلوه على من استخلفوا عليه من الذكور، وقد مضى القول على هذا مشروحا بينا في رسم سن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من سماع ابن القاسم، وبالله التوفيق.
[مسألة: تزوج امرأة فنقدها صداقها فيقول أهلها لا تدخل حتى نسمنها ونحسن إليها]
مسألة وسئل عمن تزوج امرأة فنقدها صداقها وقال: أدخلوها علي، فيقول أهلها: حتى نسمنها ونحسن إليها، ألزوجها أن يدخل عليها من ساعتها وقد أعطاهم صداقها؟ فقال: الوسط من ذلك، ليس له أن يقول: أدخلوها علي الساعة، ولا لهم أن يؤخروها عنه، ولكن الوسط من ذلك بقدر ما يجهزونها ويهيئون أمرها، وقد قال تعالى:{قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا}[الطلاق: ٣] ، وقال لنبيه:{وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}[القلم: ٤] ، ولهم حق وحرمة، فالوسط من ذلك المعروف.
قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قال؛ لأن تعجيل دخوله عليها من ساعته تضييق عليها وإضرار بها وتأخيرها عنه المدة الطويلة حمل عليه وإضرار به، فالوسط من ذلك عدل بينهما، وقد قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «خير الأمور أوساطها» وإذا وجب أن يؤجل الغريم فيما حل عليه من الحق بقدر ما يهيئه وييسره ولا يباع عليه فيه عروضه بالغا ما بلغ في الحين، فالمرأة أولى بالصبر عليها في الدخول بها إلى أن تهيئ من شأنها ما تحتاج إليه في القدر الذي لا يضر بالزوج أن يؤخر إليه.