يشترط متى شاء أن يتركه تركه، يريد ويكون له من الدرهم بحساب ما مضى من الأجل؛ لأنه إذا اشترط ذلك، فقد أفصحا بأنها إجارة صحيحة بخيار فجازت. وقد أجاز ذلك، وإن لم يشترط متى شاء أن يتركه تركه. وقال سحنون في المدونة: إنه جل قوله الذي يعتمد عليه. فالوجه في ذلك أنه حمل قوله: بع لي هذا الثوب اليوم، ولك درهم على الإجارة. وقد قيل في تأويل ذلك غير ما قول قد ذكرته في غير هذا الكتاب.
وقوله: إنه ليس لرب المال أن يمنع العامل العمل فيه، يقتضي ظاهره أن الجعل لازم للجاعل بالعقد، وإن لم يشرع المجعول له في العمل، وهو أحد قولي ابن حبيب في الواضحة، خلاف قول سحنون في سماعه، ورواية علي بن زياد، عن مالك فيه، ورواية أشهب عنه في سماعه، من تضمين الصناع من أن الجعل لا يلزم الجاعل حتى يشرع المجعول له في العمل.
وجه القول الأول أن الجاعل لما كان ما أخرج معلوما، ولم يجز أن يكون مجهولا لزمه، وأن المجعول له لما كان ما أخرج يجوز أن يكون مجهولا لم يلزمه، ألا ترى أن الإجارة لما كانت معلوما في معلوم لزمتهما جميعا، ولم يكن لواحد منهما الرجوع، ووجه القول الثاني: أن المجعول له لما كان لا يلزمه الجعل، وجب ألا يلزم الجاعل إلا أن يشرع المجعول له في العمل، فيلزمه؛ لئلا يبطل عليه ما مضى من عمله، وهذا القول أظهر، وبالله التوفيق.
[مسألة: يكون له العبد الخياط أو النجار فيستأجره الرجل في غير عمله]
مسألة ولقد سئل مالك عن الرجل يكون له العبد الخياط أو النجار، فيستأجره الرجل في غير عمله، إما يستحمله شيئا، أو ينتقل لبناء أو غير ذلك من الأعمال، فيصاب فيه العبد، هل على من استأجره