ضمان؟ قال: لا ضمان على من استأجره. وذلك أن الرجل قد يرسل عبده يعمل في البنيان، ويضرب عليه الخراج، فلا يجد العبد العمل، فيستأجره رجل في غير عمله، فلا أرى عليه ضمانا إن أصابه شيء في ذلك، إلا أن يستعمله في عمل مخوف فيه غرر ومخاطرة، فلا يفعل ذلك إلا بإذن سيده. قال ابن القاسم: أو يبعثه سفرا.
قال محمد بن رشد: قول ابن القاسم هذا: إنه لا ضمان على من استأجر العبد بغير إذن سيده في غير عمله، فعطب فيه، إلا أن يكون العمل الذي استعمله فيه مخوفا فيه غرر ومخاطرة، مثل قول ربيعة في المدونة، ومالك في رواية ابن وهب عنهما، خلاف قوله فيها وروايته عن مالك في أنه ضامن، إذا كان العمل يعطب في مثله، وإن لم يكن مخوفا ولا غررا.
وقوله في هذه الرواية على ما ذهب إليه ربيعة ومالك في رواية ابن وهب عنهما، أنه لا ضمان عليه، وإن كان العمل يعطب في مثله، ما لم يكن مخوفا وغررا هو الصحيح في النظر؛ لأنه لم يتعد على سيد العبد في استئجاره عبده فيما زعم العبد أنه أذن له فيه، وإنما المتعدي عليه في ذلك عبده. فهو كمن استأجر عبدا من غاصب، وهو لا يعلم، فتلف فيما استأجره فيه. وإنما يضمن إذا استعمله عملا مخوفا فيه غرر؛ لأنه كأنه قصد إلى إتلافه، وذلك إذا كان العبد لا يعمل في مثل ذلك العمل، وأما إن كان يعمل مثل ذلك العمل، فلا ضمان عليه فيه؛ حكى ابن حبيب عن ربيعة أنه سمع رجلا، قال لسعيد بن المسيب: استأجر معاوية بن عبد الله بن جعفر غلاما، فأنزله في بئر له، فأسر الغلام فيها فمات، فخاصمه سيد الغلام إلى عمر بن عبد العزيز، فقال له سعيد: فماذا قضى به عمر؟ قال: أغرمه إياه. قال سعيد: فهل كان يعمل مثل ذلك العمل؟ قال: لا لم يكن يعمله. قال سعيد: فقد أصاب عمر. وقد كان يشبه ألا يضمن، وإن كان لا يعمل مثل ذلك إذا لم يعلم ذلك من حاله، وقال له العبد: إني أعمل مثل هذا العمل، وسيدي أذن لي في إيجار نفسي فيه فصدقه؛ لأن له في ذلك شبهة.
ووجه قول ابن القاسم وروايته عن مالك في المدونة أنه ضامن له إذا