المهر من البهائم التي لا تبالي بموت أمهاتها، غير صحيح؛ إذ لو لم يجز شراء المهر على أن يكون رضاعه على أمه إذا كان من البهائم التي لا تقبل غير أمهاتها، وكان ذلك غررا مخافة أن تموت أمه فلا يقبل رضاع غيرها فيهلك؛ لما جاز شراؤه مع أمه مخافة أن تموت أمه فيهلك، إذ ما لا يجوز شراؤه منفردا لغرره، لا يجوز إذا انضاف إليه غيره؛ ولو اشترى شيئا من أولاد البهائم التي لا تقبل غير أمهاتها ولا تعيش دون رضاع ولا أم له، أو على أن لا يكون على البائع أن يرضعه أمه؛ لوجب ألا يجوز البيع إذا كان من البهائم التي (لا) تؤكل؛ لأنه من بيع ما لا منفعة فيه، وأكل المال بالباطل؛ فالذي يوجبه النظر في هذه المسألة، أن يكون شراء الصغير من أولاد البهائم على أن يكون رضاعه على أمه جائزا إذا لم يشترط الخلف إن ماتت كان مما يقبل غير أمه، أو لا يقبل؛ فإن ماتت الأم قبل أن ينقضي أمد فطام مثله، رجع على البائع بالثمن بما ناب منه ما بقي لأمد فطامه.
ووجه العمل في ذلك: أن ينظر إلى قيمة الرضاع وقيمة المهر، فإن كان في التمثيل قيمة الرضاع ديناران، وقيمة المهر عشرة دنانير، وكان قد مضى من أمد الرضاع النصف، رجع المبتاع على البائع بنصف سدس الثمن الذي دفع إليه؛ لأنا علمنا أن سدسه وقع للرضاع وقد استوفى نصفه، فرجع عليه بنصفه.
مسألة وسئل: عن رجل دبغ جلود ميتة فباعها واشترى بثمنها غنما، فنمت وتوالدت، ثم أراد أن يتوب مما صنع؛ قال: يتصدق بثمن الجلود التي باعها به، وليس بالغنم الذي اشترى؛ قال عيسى: إن