أن يغطي رأسه في إحرامه، وأجمعوا على أنه يجوز له أن يستظل وهو نازل بالأرض في مثل القبة والفسطاط، على ما جاء في الحديث: من «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر في غدوه من منى بقبة تضرب له من عرفة بنمرة» . واختلفوا: هل يجوز له أن يستظل في محمله أو هو سائر بشيء يرفعه على رأسه، فمنهم من أجاز ذلك له قياسا على جواز الاستظلال له في الأرض. وذهب مالك إلى أن ذلك لا يجوز له قياسا على تغطية رأسه، ورأى عليه الفدية إن فعل ذلك كتغطية رأسه سواء، ولم يراع الاختلاف في ذلك، فعلى هذا يأتي قوله في هذه الرواية: إنه لا يجوز له أن يستظل في المحمل وإن كان عديلا للمرأة أو المريض بظل يعمل عليه لهما. وقد روي عن مالك: أنه راعى الاختلاف في ذلك، فاستحسن الفدية لمن استظل في محمله من غير ضرورة، ولم يوجبها عليه، وأجاز له الاستظلال فيه ابتداء إذا اضطر إلى ذلك بكونه عديلا للمرأة فيه أو للمريض، وقع ذلك له في كتاب ابن شعبان، وأجاز له أن يستظل تحت المحمل، وهو سائر؛ لأنه يسير، إذ لا يمكنه إدامة المشي تحته أبدا.
[مسألة: الرجل يقدم مكة بالجارية يريد بيعها فتناشده الله أن يدعها تحرم]
مسألة وسئل: عن الرجل يقدم مكة بالجارية يريد بيعها فتناشده الله أن يدعها تحرم، قال: يفعل، فقيل له: إن ذلك يغيرها وينقص من ثمنها، فهل عليه شيء إن منعها، قال: خير لك ألا تمنعها.
قال محمد بن رشد: هذا مما لا إشكال فيه أنه خير له أن لا يمنعها لأنه يؤجر في ذلك، فإذا استسهل نقصان ثمنها في جانب ما يدخل عليه من الأجر في إحرامها فقد فعل ما هو خير له، وإن لم يفعل فلا إثم عليه في ذلك ولا حرج.