[يحمل طعام العشور من البلد الذي أخذ فيه وإن كان فيه مساكين إلى بلد آخر]
ومن كتاب العشور وسئل مالك: عن الإمام يستشير فيذكر له أن ناحية من عمله كثيرة العشور، قليلة المساكين، وناحية أخرى قليلة العشور، كثيرة المساكين، فهل له أن يتكارى ببعض ذلك العشر حتى يحمله إلى الناحية الكثيرة المساكين، القليلة العشر، فكره ذلك؛ قال ابن القاسم: ولا أرى أن يتكارى عليه من الفيء، ولكن يبيعه ويشتري بثمنه طعاما بالموضع الذي يريد قسمته (به) ؛ وذلك إلى اجتهاده بعد المشورة.
وقال ابن القاسم أيضا في غير هذا الكتاب، ورواه عن مالك أرى أن يتكارى عليه من الفيء أو يبيعه.
قال محمد بن رشد: أجاز أن يحمل طعام العشور من البلد الذي أخذ فيه - وإن كان فيه مساكين - إلى بلد آخر - إذا كان المساكين فيه أكثر، خلاف ظاهر قول سحنون في نوازله بعد هذا، وكره أن يتكارى عليه في حمله منه، وقال ابن القاسم: أنه يبيعه ويشتري بثمنه طعاما بالموضع الذي يريد قسمته به، ولا يتكارى عليه من الفيء، إلا أن يؤدي إلى ذلك اجتهاده بعد المشورة، وهو معنى ما رواه عن مالك أنه يتكارى عليه من الفيء أو يبيعه؛ لأن التخيير في ذلك إنما هو بالاجتهاد، والاجتهاد في ذلك هو أن ينظر إلى ما ينتقصه من الطعام في بيعه هنا، واشترائه هناك؛ وإلى ما يتكارى به عليه، فإن كان يتكارى عليه بأكثر باعه، وإن كان يتكارى عليه بأقل، اكترى عليه، وإذا جاز أن يبيعه هنا ويشتري به هناك أقل منه، فما الذي يمنع إذا لم يكن ثم من الفيء ما يتكارى به عليه من أن يكتري عليه منه - إذا رأى ذلك أرشد من بيعه، وقد أجاز ذلك ابن حبيب، ورواه مطرف، وابن وهب عن مالك؛ والوجه في جوازه بين، وذلك أن الله تعالى جعل للعاملين على الزكوات سهما منها، فإذا جاز أن يأخذ العامل على الزكاة من الزكاة بعمالته عليها، جاز أن يأخذ منها من يوصلها