مسألة وسئل: أترى إذا شهد القوم عند القاضي وعدلوا أن يقول للذي شهدوا عليه دونك فجرح، فقال: إن فيها لتوهينا للشهادة، ولا أرى إذا كان عدلا أو عدل عنده أن يفعل، قال ابن نافع: أرى أن يقول ذلك للمشهود عليه، ويمكنه من التجريح؛ لأن الرجل ربما كان عدلا، فلعله أن يكون بينه وبين المشهود عليه عداوة أو ما أشبه ذلك.
قال الإمام القاضي: لم ير مالك للإمام أن يقول للمشهود عليه: دونك فجرح، لما في ظاهر قوله هذا من إغرائه بتجريحهم، وإنما الواجب أن يبيح له ذلك، ويمكنه منه بأن يقول له: قد شهد عليك فلان وفلان، فإن كان عندك ما تدفع بشهادتهم عن نفسك فجئ به وإلا حكمت عليك، ويعلمه بأن له أن يجرحهم إن كان ممن يجهله على ما قاله في كتاب السرقة من المدونة، وهذا ما لا اختلاف فيه، ولم ير ابن نافع قول القاضي للمشهود عليه دونك فجرح إغراء له بتجريحهم، فرأى أن يقول ذلك له على سبيل الإعلام بما يجب له من تجريحهم إن شاء، والتمكن له من ذلك، فحصل الخلاف بينه وبينه في جواز نص القول المذكور لا في شيء من معنى المسألة، والله أعلم.
ومن الدليل على ذلك أن في المجموعة لمالك مثل قول ابن نافع، وإذا كان الشاهد مبرزا في العدالة فلا يباح للمشهود عليه أن يجرحه بالإسفاه إن دعا إلى ذلك وإنما يباح له تجريحه بالعداوة والهجرة إذ قد يكون ذلك في الصالح