كتاب اللقطة، وهو معنى قوله في هذه الرواية، وكذلك تكره له التجارة فيه في حين الفتن التي تكون بين المسلمين إذا خشي أن يصل شيء منه إلى من يناوئ به الإسلام، ولا بأس بالتجارة فيها إذا أمن أن يصل منها شيء إلى العدو، أو إلى من يناوئ المسلمين، فإن باع السلاح من العدو، أو ممن يناوئ المسلمين ويخرج به عليهم، أو ممن يحمل ذلك إليهم وهو عالم بذلك ومضى ذلك وفات، ولم يعلم من باعه منه ولا قدر على رده، فقد اختلف فيما يلزمه بينه وبين ربه في التوبة من ذلك على ثلاثة أقوال: أحدها؛ أنه يلزمه أن يتصدق بجميع الثمن، وهذا على القول في أن البيع غير منعقد، وأنها باقية على ملكه؛ لوجوب رد الثمن على هذا القول إلى المبتاع إن علمه، والصدقة به عليه إن جهله كالربا، والثاني: أنه لا يلزمه أن يتصدق إلا بالزائد على قيمته لو بيع على وجه جائز، وهذا على القول بوجوب فسخ البيع في القيام وتصحيحه بالقيمة في الفوات.
والثالث: أنه لا يجب عليه أن يتصدق بشيء منه إلا على وجه الاستحباب مراعاة للاختلاف، وهذا على القول بأن البيع إن عثر عليه لم يفسخ، ويباع على المبتاع، وبالله التوفيق.
[الروم إذا قدموا علينا برقة بالرقيق جعلوا من كل صنف عشرة]
ومن كتاب الزكاة وسئل مالك فقيل له: الروم عندنا إذا قدموا علينا برقة بالرقيق جعلوا من كل صنف عشرة، فجعل ذلك أصنافا، ثم بدأ بأول صنف، فاختار منهم الرومي رأسا، ثم أخذ المسلمون من التسعة الباقية رأسا يختارونه منها، ثم يأتي إلى الصنف الآخر الثاني، فاختار منهم المسلمون رأسا ثم أتى إلى الصنف الثالث، فبدأ الرومي فاختار منهم رأسا، ثم اختار المسلمون من التسعة الباقية رأسا هكذا يفعلون، قد أحكموا ذلك وجعلوا كل صنف على حدته، فقال: أحكموه إحكام سوء.
قال محمد بن رشد: إنما عاب هذا الفعل؛ لأن الغرر فيه بين فلا يجوز ذلك؛ «لنهي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن بيع الغرر» وإنما الواجب في ذلك أن يقسم