وهو قول سحنون، وذلك قوله في المدونة: إنما غذاء اللبن مما يأكلن، وهن يأكلن الخنزير ويشربن الخمر. والثاني: أنهما جميعا طاهران وهو قول أشهب. والثالث: اللبن طاهر، والعرق نجس.
[مسألة: الذي يستيقظ من نومه فيدخل يده في وضوئه قبل أن يغسلها]
مسألة قال: وسئل عن الذي يستيقظ من نومه، فيدخل يده في وضوئه قبل أن يغسلها، فيغسلها مرتين أو ثلاثا ناسيا ثم يذكر، أيتوضأ بذلك الماء؟ فقال: إن كان لا يعلم بيده بأسا ولا شيئا، فلا أرى بذلك بأسا أن يتوضأ به كما هو، وما كان الناس يشددون في هذه الأشياء من الوضوء والغسل، والإكثار منه كهيئة الناس اليوم ضيقوا ما لم ينبغ لهم تضييقه، وشددوا على أنفسهم في هذه الأمور، وما كذلك كان الناس، قال مالك: وقد بلغني أن عمر بن الخطاب كان إذا أكل مسح يده بباطن قدمه.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال: إن الماء الذي أدخل فيه يده إذا استيقظ من نومه قبل أن يغسلها طاهر يتوضأ منه؛ لأن يده محمولة على الطهارة حتى يوقن بنجاستها على الأصل، في أن الشك لا يؤثر في اليقين، وإن كان الاختيار أن يغسلها للحديث؛ إلا أن لا يمكنه ذلك في مثل المهراس على ما يأتي في آخر هذا السماع، خلاف ظاهر قول أبي هريرة في رسم "البز" من سماع ابن القاسم، وقد مضى التكلم على هذه المسألة في رسم "كتب عليه ذكر حق" من سماع ابن القاسم.
ومعنى ما ذكر عن عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه كان إذا أكل مسح يده بباطن قدمه إنما هو في مثل التمر والشيء الجاف الذي لا يتعلق بيده منه، إلا ما يذهبه أدنى المسح.