[: مسألة البئر يقع فيه الهر فيموت فيه ما ينزف منها]
مسألة قيل له: أفرأيت البئر يقع فيه الهر فيموت فيه ما ينزف منها؟
فقال: الآبار تختلف، فمنها ما ينزف كل يوم، ومنها ما يكثر ماؤها يُستقى منها كل يوم فلا ينزف وتسع البير، فأرى أن ينزع منها قدر ما يطيبها. قلت: أرأيت ما عجن به من مائها من الخبز؟ فقال لي: أما أنا فأرى أن يطرحه أو يعلفه للدواب ولا يؤكل، ولقد جاءني قوم حديثا خبزوا خبزا بماء بئر من دارهم، ثم علموا أن الماء الذي عجن به ماتت فيه دابة من هذه الدواب فأمرتهم بذلك. قيل له: أرأيت من اغتسل به وتطهر حتى صلى صلوات، قال: أما نحن فنقول يعيد ما كان في الوقت، فإذا ذهب الوقت فلا إعادة عليه.
قال محمد بن رشد: وجه النزف من ماء البير التي ماتت فيه الدابة هو أنه يخشى أن يكون قد خرج من الدابة مع خروج نفسها شيء يكون على وجه الماء لا ينماع فيه، فلا يؤمن إذا لم ينزف من الماء شيء أن يحصل ذلك الشيء في المقدار الذي يتوضأ به الرجل. فإذا نزف من الماء شيء خرج ذلك الشيء فيما نزف وانماع بالنزف في الماء فطاب بذلك، ولهذا المعنى لم يكن لما ينزف من الماء حد، ووجب أن يكون على قدر قلة ماء البير وكثرته وعلى ما تطيب به النفس. وهذا إذا لم يتغير الماء بذلك، وأما إذا تغير منه فلا بد أن ينزف منه حتى يذهب التغير. ومعنى ما تكلم عليه في هذه الرواية أن الماء لم يتغير من ذلك، ولذلك قال فيما صلى بالوضوء الذي توضأ من ذلك الماء: إنه لا يعيد إلا في الوقت. وأما قوله في الخبز الذي عجن بذلك الماء: إنه لا يؤكل، فهو مثل ما تقدم في الرسم الذي قبل هذا وعلى طريق التوقي والتحرز من المتشابه على ما ذكرناه في رسم "يسلف" من سماع ابن القاسم، وليس بحرام بين، فقد روى محمد بن يحيى السبائي عن مالك في