لأنها كالديون عليه، وقال الله عز وجل:{مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ}[النساء: ١١] .
ووجه القول الثاني: أن ما عليه من الظلامات والتباعات وإن كانت مستغرقة لماله فليست متعينة فيه، إذ قد ترتبت في ذمته، فساغت عطاياه لمن أعطاه إياها وساغ ماله لوارثه، وكان هو المسئول المؤاخذ بما عليه من المظالم والتباعات إذ لم يؤدها أو لم يتمح منها في حياته.
ووجه القول الثالث أن ما عليه من المظالم والتباعات [أحق بماله؛ لأنه مأمور بردها منه عاص لله عز وجل في ترك] ذلك وتأخيره، فلا يجوز له فيه عطية ولا معروف، ولا يسوغ ذلك للمعطي. فإذا لم يفعل ذلك حتى مات بقيت عليه التباعات يطلب بها في الآخرة، وساغ ماله لوارثه، إذ ليست التباعات التي عليه ديونا لمعينين يطلبونها فيجب إخراجها من ماله قبل الميراث. وقد أفردنا للتكلم على حكم مال من خالط الحرام ماله في حياته وبعد وفاته مسألة حاوية لجميع وجوهها، فمن أراد الشفاء منها في نفسه طالعها، وبالله التوفيق.
[سبب سكنى اليهود الحجاز]
في سبب سكنى اليهود الحجاز
قال مالك: لم تكن اليهود تسكن الحجاز ولم تكن لهم دار إلا أنهم كانوا يجدون عندهم أن الله عز وجل يبعث نبيا من بين حرتين، فاتخذوا الحجاز دارا رجاء أن يكون منهم، فأخلف الله ظنهم في أنفسهم، وبعثه من غيرهم، صلوات الله وسلامه على محمد.
قال محمد بن رشد: المعنى في هذا بين، وبالله التوفيق.