فكفنه رجل من عنده، وبقيت الدراهم، فأراد غرماؤه أخذها، أو ورثته؛ قال: ليس هي لغرمائه ولا لورثته، وترد إلى أهلها. وقاله ابن القاسم، إلا أن يشاء ويسلموها لورثته، وأحب إلي لأصحابها أن يفعلوا. وفي سماع أبي زيد مثله عن ابن القاسم.
قال محمد بن رشد: قوله إن العشرين درهما ترد إلى أهلها، هو مثل ما في كتاب المكاتب من المدونة - في المكاتب: إذا أعين في كتابته، ففضلت عنده فضلة مما أعين به، أنه يرد ذلك على الذي أعانوه أو يستحلهم منه - إذا كان ذلك منهم على وجه الفكاك لرقبته، ولم يكن صدقة عليه منهم، ومعارض لما في سماع ابن القاسم من كتاب الصدقات والهبات في السائل يقف بالباب فيأمر له بدرهم فيجده قد انصرف: أنه يتصدق به ولا يسترجعه؛ فيأتي على قياس هذا في مسألة الكفن أن يجعل العشرين درهما أصحابها في كفن غيره، ولا يسترجعونها لأنفسهم مالا من مالهم، واستحب ذلك في سماع ابن القاسم من كتاب العارية في مسألة السائل، ولم يوجبه؛ فكذلك مسألة الكفن يستحب لأصحابها أن يجعلوا العشرين درهما في كفن مثله من غير إيجاب؛ وأما استحبابه لأصحابها أن يسلموها للورثة، ففيه نظر؛ لأنهم لم يقصدوا بذلك الصدقة على الورثة، والله أعلم وبه التوفيق.
[أهل الحرب يغيرون على بعض ثغور الإسلام فيقتلون رجالا هل هم شهداء]
ومن كتاب المجالس وسئل أصبغ: عن أهل الحرب يغيرون على بعض ثغور الإسلام، فيقتلون الرجال في منازلهم في غير معترك، ولا مجتمع، ولا ملاقاة؛ ما حالهم عندك، أحال الشهداء؟ أم كيف يصنع بهم؟
فقال لي: سمعت ابن القاسم يقول في هؤلاء: إنهم يغسلون ويصلى