أن إقامته بمكة لم تكن إقامة تخرجه عن سفره ولذلك قصر بها. وأما معاوية بن أبي سفيان فالوجه فيما ذكر عنه في هذه الرواية، والله أعلم، أنه كان مقيما بمكة فقصر بمنى لأنه تأول أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قصر بها وقد كان مقيما بمكة، فلم يزل به مروان حتى صرفه عن تأويله على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه كان مقيما بمكة إلى أنه إنما قصر - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأنه لم يكن مقيما بمكة إقامة تخرجه عن سفره.
فالاختلاف هل كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مقيما بمكة قبل خروجه من مكة إلى منى أو غير مقيم هو أصل الاختلاف في هذه المسألة، فذهب مالك إلى أنه قصر بمنى وقد كان مقيما بمكة، وذهب أهل العراق إلى أنه إنما قصر بمنى من أجل أنه لم يكن مقيما بمكة. والصحيح ما ذهب إليه مالك لأنه قدم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صبيحة رابعة من ذي الحجة، فأقام بمكة إلى يوم التروية وذلك أربع ليال، ثم خرج فقصر بها. وقد مضى هذا المعنى في هذا الرسم من هذا السماع من كتاب الصلاة، وبالله التوفيق.
[مسح الوجه باليدين في الدعاء]
في مسح الوجه باليدين في الدعاء وسئل مالك عن الرجل يمسح بكفيه وجهه عند الدعاء وقد بسطها قبل ذلك، فأنكر ذلك وقال: ما أعلمه.
قال محمد بن رشد: إنما أنكر ذلك مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - لأنه رآها بدعة، إذ لم يأت بذلك أثر عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، ولا مدخل فيه للرأي، وإنما أخذ ذلك من فعله والله أعلم للحديث الذي جاء «عن عثمان بن أبي العاص أنه قال: أتيت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وبي وجع قد كاد يهلكني فقال لي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: امسحه بيمينك سبع مرات وقل أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد. قال ففعلت ذلك فأذهب الله عز وجل