فجمع القاضي ابن بشير أهل العلم بها، فأفتوه بذلك، فكتب إليه أن أغرمه إليه ديته كاملة، فقضى عليه بذلك.
ومن معنى هذه المسألة، اختلافهم فيمن غصب جلد ميتة، فقال في المدونة: إن عليه قيمته دبغ أو لم يدبغ، وقال في المبسوطة: لا شيء عليه فيه وإن دبغ؛ لأنه لا يجوز بيعه. وقيل: إنه لا شيء فيه، إلا أن يدبغ، فتكون فيه القيمة. وقيل: إن دبغ لم يكن عليه إلا قيمة ما فيه من الصنعة. وهذا يأتي على ما له في السرقة من المدونة، والصواب أن يلزمه في ذلك كله قيمة الانتفاع به، وبالله التوفيق.
[مسألة: مسلم أو نصراني عدا على سفينته مسلم فحمل عليها خمرا]
مسألة وسألته عن مسلم أو نصراني عدا على سفينته مسلم، فحمل عليها خمرا، أيأخذ لها كراء؟ قال: أما إذا كان تعدى عليها نصراني، فله أن يأخذ لها كراء، ويتصدق به. قلت: فالمسلم قال: له أن يأخذ كراء سفينته فيما أبطلها، ولا ينظر إلى كراء الخمر.
قال محمد بن رشد: قوله: إذا كان الذي تعدى نصرانيا، فله أن يأخذ لها كراء، معناه: كراء مثلها، على أن يحمل فيها الخمر، أن لو أكراها نصراني من نصراني لذلك. وأما قوله: يتصدق به، فهو بعيد أن يجب ذلك عليه، إلا أن يعلم بتعديه، فلا يمنعه من ذلك، وهو قادر على منعه، وأما إن علم بذلك، ولم يقدر على منعه، فلا يجب عليه أن يتصدق إلا بالزائد على قيمة كرائها، على أن يحمل عليها غير الخمر، بمنزلة أن لو أكراها منه على أن يحمل فيها غير الخمر، فحمل عليها خمرا، فإنه إن كان علم بذلك، فلم يمنعه تصدق بجميع الكراء، قاله ابن حبيب، وأما إن لم يعلم بذلك، فلا يجب عليه أن يتصدق إلا بما زادت قيمة كرائها، على أن يحمل عليها الخمر، على الكراء الذي أكراها به، وأما إذا كان عدا عليها مسلما، فقوله: إنه يأخذ كراء سفينته فيما أبطلها، ولا ينظر إلى كراء الخمر: معناه: أنه يكون له كراء المثل في السفينة