بمنزلة الثوب يتعدى عليه الرجل يحرقه، ولو كانت الحفرة مما ينتفع بها لاختزان الطعام لكانت للمستحق ولم يكن عليه فيها شيء للغاصب، إذ لا ثمن لذلك منقوضا، وإن استغنى عنها كان من حقه أن يأمر الغاصب بردمها. وبالله التوفيق.
[مسألة: ظالم أسكن معلما في دار رجل ليعلم له فيها ولده ثم مات الظالم]
مسألة قال عيسى في ظالم أسكن معلما في دار رجل ليعلم له فيها ولده ثم مات الظالم ومات المعلم، إن صاحب الدار مخير في كراء داره، إن شاء أخذه من مال الظالم، وإن شاء أخذه من مال المعلم.
قال محمد بن رشد: المعنى في هذه المسألة أسكن المعلم في الدار على وجه الإسكان ثوابا على تعليم ولده فيها، فصار قد اشترى سكنى الدار منه بتعليم ولده فيها، فوجب لرب الدار أن يأخذ كراء داره ممن شاء منهما، بمنزلة من أخذ طعام رجل فباعه من رجل وأكله المشتري، أن لرب الطعام أن يضمن طعامه لمن شاء منهما، فإن ضمن البائع صح الشراء للمشتري، وإن ضمن المشتري كان له أن يرجع بالثمن على البائع، وكذلك صاحب الدار في هذه المسألة، إن أخذ الظالم بكراء داره لم يكن له رجوع على المعلم، وإن أخذ المعلم به كان له أن يرجع على الظالم بقيمة تعليم ولده أو بما يقع من التعليم للكراء إن كان أكراه على تعليم ولده بالسكنى في الدار وبزيادة زاده على ذلك. وسواء علم المعلم بتعديه على الدار أو لم يعلم؛ لأنه منتفع، وهذا إذ لم يغصب الظالم رقبة الدار، وإنما غصب سكناها فقط. وأما إذا غصب الرقبة فليس لربها من كرائها شيء على واحد منهما، على القول بأن الغلة للغاصب جملة من غير تفصيل.
وقد مضى تحصيل الاختلاف في هذا قبل هذا في هذه النوازل. وبالله التوفيق.