قال محمد بن رشد: إخبار عيسى ابن مريم هذا من زمانه لا يصح أن يكون إلا بوحي من الله عز وجل، وذلك ثناء منه عز وجل عليهم بذلك، وقد أثنى عليهم في غير ما آية من كتابه، فقال عز وجل:{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ}[الفتح: ٢٩] . الآية. فقوله عز وجل:{وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ}[الفتح: ٢٩] إلى آخر الآية يشهد بصحة قول عيسى ابن مريم المذكور فيهم. وقال عز وجل:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}[آل عمران: ١١٠] .
[صفة مسجد النبي عليه السلام وحنين الجذع إليه]
في صفة مسجد النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وحنين الجذع إليه قال مالك: قال النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «مسجدي على عريش كعريش موسى» . «وكان يخطب على جذع حتى عمل له هذا المنبر من طرفاء الغابة، فلما خطب عليه وفقده الجذع حن فنزل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فوضع يده عليه فسكن» .
قال محمد بن رشد: قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مسجدي على عريش يريد أن سقفه بالجرائد فوق الجذوع بغير طين أو بقليل من الطين، فكان إذا كان المطر يكف أي يهطل في المسجد على ما جاء في حديث أبي سعيد الخدري عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «وقد أريت هذه الليلة - يريد ليلة القدر - فأنسيتها ولقد رأيتني أسجد في صبحها في ماء وطين فالتمسوها في العشر الأواخر والتمسوها في كل وتر. قال أبو سعيد: فأمطرت السماء في تلك الليلة، وكان المسجد على عريش فوكف